للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِهِ: وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً.

وَقَدِ اعْتَرَفَتِ النَّصَارَى بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوهَا، لَكِنْ قَالَ بَعْضُ زُعَمَائِهِمْ إِنَّهَا بِشَارَةُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، وَإِلْيَاسَ، وَالْيَسَعَ، وَأَنَّهُمْ سَيَأْتُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَهْتِ وَالْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِافْتِرَاءِ عَلَيْهِ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي مَنْ قَدْ مَاتَ إِلَى يَوْمِ الْمِيقَاتِ الْمَعْلُومِ.

قَوْلُ الْمَسِيحِ فِي الْإِنْجِيلِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ، وَقَدْ ضَرَبَ مَثْلَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: كَمِثْلِ رَجُلٍ اغْتَرَسَ كَرْمًا وَيُسَيِّجُ حَوْلَهُ، وَجَعَلَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَشَيَّدَ فِيهِ قَصْرًا، وَوَكَّلَ بِهِ أَعْوَانًا، وَتَقَرَّبَ عِنَبَهُ، فَلَمَّا دَنَا أَوَانُ الْقِطَافِ، بَعَثَ عَبْدًا إِلَى أَعْوَانِهِ الْمُتَوَكِّلِينَ بِالْكَرْمِ. ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَلِنَفْسِهِ، ثُمَّ لِلنَّبِيِّ الْمُوَكِّلِ آخَرَ بِالْكَرْمِ، إِلَى أَنْ أَفْصَحَ عَنْ أُمِّتِهِ، فَقَالَ: وَأَقُولُ لَكُمْ: سَيُزَاحُ عَنْكُمْ مُلْكُ اللَّهِ، وَتُعْطَاهُ الْأُمَّةُ الْمُطِيعَةُ الْعَامِلَةُ.

ثُمَّ ضَرَبَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَثَلًا بِصَخْرَةٍ وَقَالَ: مَنْ سَقَطَ عَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ يَنْكَسِرُ، وَمَنْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ يَتَهَشَّمُ. وَهَذِهِ صِفَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ نَاوَأَهُ وَحَارَبَهُ مِنَ النَّاسِ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْمَسِيحِ سِوَاهُ.

قَوْلُ أَشْعِيَا فِي صِفَتِهِ: لِتَفْرَحْ أَرْضُ الْبَادِيَةِ الْعَطْشَى، وَلْتَبْتَهِجِ الرَّوَابِي

<<  <  ج: ص:  >  >>