للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا لَا يُنْكَرُ مِنْ جَهْلِ أُمَّةِ الضَّلَالِ وَعُبَّادِ خَشَبَةِ الصَّلِيبِ الَّتِي نَحَتَتْهَا أَيْدِي الْيَهُودِ، فَإِنَّ إِلْيَاسَ تَقَدَّمَ إِرْسَالُهُ عَلَى الْمَسِيحِ بِدُهُورٍ مُتَطَاوِلَةٍ.

قَوْلُهُ فِي نُبُوَّةِ أَرْمِيَا: قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ قَدْ عَظَّمْتُكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أُصَوِّرَكَ فِي الْبَطْنِ، وَأَرْسَلْتُكَ وَجَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلْأَجْنَاسِ كُلِّهِمْ. فَهَذِهِ بِشَارَةٌ عَلَى لِسَانِ أَرْمِيَا لِمَنْ بَعْدُهُ، وَهُوَ إِمَّا الْمَسِيحُ وَإِمَّا مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا، لَا تَعْدُوهُمَا إِلَى غَيْرِهِمَا، وَمُحَمَّدٌ أَوْلَى بِهَا لِأَنَّ الْمَسِيحَ إِنَّمَا كَانَ نَبِيًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَالنَّصَارَى تُقِرُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَدَّعِ الْمَسِيحُ أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى سَائِرِ الْأَجْنَاسِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ عَهِدَ مُوسَى إِلَى الْمَسِيحِ إِنَّمَا كَانُوا يُبْعَثُونَ إِلَى قَوْمِهِمْ، بَلْ عِنْدَهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ لِلْحِوَارِيَّيْنِ: لَا تَسْلُكُوا إِلَى سَبِيلِ الْأَجْنَاسِ، وَلَكِنِ اخْتَصِرُوا عَلَى الْغَنَمِ الرَّابِضَةِ مَنْ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ.

وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى سَائِرِ أَجْنَاسٍ الْأَرْضِ وَطَوَائِفِ بَنِي آدَمَ.

وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ مُطَابَقَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>