للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَالَمِ مِنْ طَبَقَاتِ بَنِي آدَمَ عَالِمِهِمْ وَجَاهِلِهِمْ، وَزَاهِدِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَرَاغِبِهِمْ، وَأَمِيرِهِمْ وَمَأْمُورِهِمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ أَمْرًا اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ حَتَّى يُقْدَحَ بِهِ فِيهَا وَفِي نَبِيِّهَا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ لَا تُنَافِي الْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ، بَلْ يَجْتَمِعُ فِي الْعَبْدِ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ، وَالذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي، فَيَكُونُ فِيهِ هَذَا وَهَذَا. فَالْمَعَاصِي لَا تُنَافِي الْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ وَإِنْ قَدَحَتْ فِي كَمَالِهِ وَتَمَامِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الذُّنُوبَ تُغْفَرُ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، فَلَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُ الْعَبْدِ عَنَانَ السَّمَاءِ، وَعَدَدَ الرَّمْلِ وَالْحَصَى، ثُمَّ تَابَ مِنْهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا.

فَهَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِ، وَأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، وَالتَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، وَالتَّوْحِيدُ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ابْنَ آدَمَ لَوْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَقِيتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً فَالْمُسْلِمُونَ ذُنُوبُهُمْ ذُنُوبُ مُوَحِّدٍ، إِنْ قَوِيَ التَّوْحِيدُ عَلَى مَحْوِ آثَارِهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا فَمَا مَعَهُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ يُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ إِذَا عُذِّبُوا بِذُنُوبِهِمْ.

وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ وَالْكُفَّارُ فَإِنَّ شِرْكَهُمْ وَكُفْرَهُمْ مُحْبِطٌ حَسَنَاتِهِمْ، فَلَا يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ بِحَسَنَةٍ يَرْجُونَ بِهَا النَّجَاةَ، وَلَا يَعْقُبُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ مَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ، قَالَ تَبَارَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>