للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُشْرِكٍ عَمَلًا.

فَالذُّنُوبُ تَزُولُ آثَارُهَا بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، وَالتَّوْحِيدِ الْخَالِصِ، وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ، وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ لَهَا، وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ فِي الْمُوَحِّدِينَ، وَآخِرُ ذَلِكَ إِذَا عُذِّبَ بِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْهَا أَخْرَجَهُ تَوْحِيدُهُ مِنَ النَّارِ، وَأَمَّا الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالْكُفْرُ بِالرَّسُولِ، فَإِنَّهُ يُحْبِطُ جَمِيعَ الْحَسَنَاتِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مَعَهُ حَسَنَةٌ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ لِمُورِدِ هَذَا السُّؤَالِ - إِنَّ كَانَ مِنَ الْأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ إِخْوَانِ الْقِرَدَةِ - أَلَا يَسْتَحِي مِنْ إِيرَادِ هَذَا السُّؤَالِ، مَنْ آبَاؤُهُ وَأَسْلَافُهُ كَانُوا يَشْهَدُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْآيَاتِ مَا لَمْ يَرَهُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأُمَمِ؟ وَفَلَقَ اللَّهُ لَهُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَاهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَمَا جَفَّتْ أَقْدَامُهُمْ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ حَتَّى قَالُوا لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ.

وَلَمَّا ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبِّهِ لَمْ يُمْهِلُوهُ أَنْ عَبَدُوا بَعْدَ ذَهَابِهِ الْعِجْلَ الْمَصُوغَ، وَغُلِبَ أَخُوهُ هَارُونُ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا مَعَ مُشَاهَدَتِهِمُ الْعَجَائِبَ يَهُمُّونَ بِرَجْمِ مُوسَى وَأَخِيهِ هَارُونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَالْوَحْيُ بَيْنَ أَظْهُرِهُمْ، وَلَمَّا نَدَبَهُمْ إِلَى الْجِهَادِ، قَالُوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ وَآذَوْا مُوسَى أَنْوَاعَ الْأَذَى، حَتَّى قَالُوا: إِنَّهُ آدَرُ وَهَذَا لِكَوْنِهِ كَانَ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَاغْتَسَلَ يَوْمًا وَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>