وَتَنَصَّرَ قُسْطَنْطِينُ، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْكَنَائِسِ، فِي كُلِّ بَلَدٍ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْخَرَاجُ فِيمَا يُعْمَلُ بِهِ أَبْنِيَةُ الْكَنَائِسِ، وَقَامَ بِدِينِ النَّصْرَانِيَّةِ حَتَّى ضَرَبَ بِجِرَانِهِ فِي زَمَانِهِ، فَلَمَّا تَمَّ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ، مَاجَ النَّصَارَى فِي أَمْرِ الْمَسِيحِ وَاضْطَرَبُوا، فَأَمَرَ بِالْمَجْمَعِ فِي مَدِينَةِ (نِيقِيَّةَ) وَهِيَ الَّتِي رُتِّبَتْ فِيهَا الْأَمَانَةُ بَعْدَ هَذَا الْمَجْمَعِ - كَمَا سَيَأْتِي - فَأَرَادَ آرِيُوسُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فَمَنَعَهُ بَتْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَقَالَ إِنَّ بُطْرُسَ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ آرِيُوسَ، فَلَا تَقْبَلُوهُ وَلَا تُدْخِلُوهُ الْكَنِيسَةَ.
وَكَانَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَأَسْيُوطَ مِنْ عَمَلِ مِصْرَ أُسْقُفٌّ يَقُولُ بِقَوْلِ آرِيُوسَ فَلَعَنَهُ أَيْضًا، وَكَانَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ هَيْكَلٌ عَظِيمٌ عَلَى اسْمِ زُحَلَ، وَكَانَ فِيهِ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ يُسَمَّى (مِيكَائِيلَ) ، وَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ وَأَهْلُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ هَتُورَ، وَهُوَ تِشْرِينُ الثَّانِي، يُعَيِّدُونَ لِذَلِكَ الصَّنَمِ عِيدًا عَظِيمًا، وَيَذْبَحُونَ لَهُ الذَّبَائِحَ، فَلَمَّا ظَهَرَتِ النَّصْرَانِيَّةُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَرَادَ بَتَرَكُهَا أَنْ يَكْسِرَ الصَّنَمَ وَيُبْطِلَ الذَّبَائِحَ لَهُ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا، فَاحْتَالَ عَلَيْهِمْ بِحِيلَةٍ، وَقَالَ: لَوْ جَعَلْتُمْ هَذَا الْعِيدَ لِمِيكَائِيلَ مَلَكِ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ هَذَا الصَّنَمَ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، فَأَجَابُوهُ فَكَسَرَ الصَّنَمَ وَجَعَلَ مِنْهُ صَلِيبًا، وَسَمَّى الْهَيْكَلَ كَنِيسَةَ مِيكَائِيلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute