شهد القرن الثاني للهجرة أولى المؤلفات الكاملة التي ظهرت في مختلف العلوم الإسلامية والعربية. ففي ميدان الحديث ظهر موطأ مالك، كما ظهر بجانبه من ناحية أخرى سيرة ابن إسحاق، أما النحو فقد ألف فيه سيبويه "الكتاب"، ومن قبله أستاذه الخليل الذي وضع معجم "العين" في اللغة كما كان له الفضل في وضع علم العروض كذلك.
وكانت هناك محاولات فردية لكثير من العلماء، والرواة واللغويين يمكن رؤيتها فيما تتأثر من آرائهم في كتب المتأخرين الذين نقلوا عنهم. ولكن هذه الكتب التي أشرنا إليها كانت أول المؤلفات التي وصلت إلينا رغم تقادم العهد، وبعد أن صارعت إغارات التتر، وتيمورلنك والمغول وغيرهم ممن دمرت على أيديهم أغلب المخطوطات العربية القديمة.
وترى هنا إلى بيان الطريقة التي بنى عليها الخليل بن أحمد كتابه في اللغة الأمر الذي كان من شأنه وضع المبادئ الرئيسية لما عرف بعد ذلك باسم المعجم أو القاموس.
وقد كان علماء اللغة أيام الخليل ومن قبله مهتمين كذلك بجمع مفردات اللغة، ولكن هذا الجمع اقتصر فقط على المفردات الصعبة المعاني لشرحها وتوضيحها، وهي التي عرفت باسم "الغريب". وقد كان النظام الذي ساروا، عليه في شرح الغريب مبنيًّا على أساس الرسائل والمكتبات التي تعالج موضوعًا معينًا، فمثلًا ظهر كتاب الخليل، وكتاب المطر وكتاب النوادر وغيرها.
ويبدو أن الذي دعاهم إلى الاقتصار على الغريب هو أن هذا النوع من المفردات