للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثالث: المرحلة الثانية في تطور المعاجم نظام القافية]

[أولا: صحاح الجوهري]

...

أولًا: صحاح الجوهري:

حين امتد بنا الزمن إلى عصر إسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى ٣٩٨هـ.

نجد أن ترتيب الكلمات في المعجم العربي اتبع نظامًا آخر. فلم يعد هناك داع للسير على نظام التقليبات، ومن ثم فلم تبق هناك حاجة إلى الأبجدية الصوتية التي اتخذت أساسًا لذلك النظام. وإنما ابتدع الجوهري نظامًا جديدًا اتخذ فيه الترتيب الأبجدي العادي أساسًا، ولكنه جعل ترتيب الكلمات فيه على أساس الحرف الأصلي الأخير في الكلمة. ولنا أن نتجاوز في التعبير، ونسميه ترتيب القافية. وقد قال عنه الجوهري في مقدمته إنه رتب كتابه ترتيبًا لم يسبق إليه.

نشأ الجوهري في القرن الرابع الهجري١ في مدينة "فاراب" وراء النهر "نهر سيحون" حيث تلقى علوم اللغة على أشهر علماء عصره أمثال السيرافي، وخاله إبراهيم بن إسحاق الفارابي٢ المتوفى "٣٥٠" هـ. وكان الفارابي قد ألف معجمًا قسمه على نظام الأسماء، والأفعال كما قسم كلا منها على أسس صرفية ونحوية، وقد انتفع به الجوهري أكبر انتفاع.

وقد ساعدت الظروف الجوهري حين ألف معجمه إذ وجد أمامه من الذخيرة اللغوية الشيء الكثير كما أنه سمع من الأعراب في البدو، والحضر حيث رحل إلى الأماكن التي كان فيها بقية من قبيلتي ربيعة ومضر. وهكذا قد أمكنه أن ينقل عن فصحاء العرب كما فعل الأزهري حين أخذته القرامطة أسيرًا.

وقد ذكر لنا الرواة أن الجوهري كان حسن الخط جميله حتى كان يضارع


١ اختصرت الترجمة هنا ومن أرادها مطولة فعلية الرجوع إلى كتب الطبقات.
٢ وهو غير أبي نصر الفارابي الفيلسوف المتوفى ٣٣٩هـ.

<<  <   >  >>