شهد القرن الخامس الهجري أشهر علماء اللغة في الأندلس، وهو ابن سيدة فقد كان يعد بحق معجزة عصره إذا عرفنا أنه على معارفة الواسعة، وعقليته المنظمة كان محرومًا من نعمة البصر، وقد تلقى علوم اللغة والدين على والده الذي تتلمذ على الزبيدي الذي عرفنا أنه تلميذ القالي، فابن سيده على هذا قد أخذ اللغة كابرًا عن كابر.
ومع أن الطبيعة حرمته من البصر فقد عوضته بذاكرة قوية جدًّا. فقد ذكر الرواة أنه كان أقدر على الاستيعاب. والحفظ حتى من ابن دريد فقد ذكر الطلنكي١ قوله:"دخلت مرسية فتشبث بي أهلها يسمعون على غريب المصنف، فقلت لهم: انظروا إلى من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه علي من أوله إلى آخره فتعجبت من حفظه، وكان له في الشعر حفظ وتصرف".
هذا ولم يرد إلينا من كتب ابن سيدة المتعددة غير معجمين أحدهما يسير على نظام الموضوعات، وترتيب الأشياء المتشابهة من حيث المعنى تحت باب واحد، وهو المخصص وقد طبع في بولاق سنة ١٣١٦ هجرية، والثاني معجم أبجدي على نظام كتاب العين، واسمه المحكم ولا يزال مخطوطًا نتفرق أجزاؤه بين لندن والقاهرة واستانبول.
مخصص:
ذكر ابن سيدة منهجه في هذا الكتاب، والغرض منه في مقدمة مطولة قال فيها: