لقد تمكن اللغويون في لبنان أن يعيدوا وضع المعجم العربي من جديد مستعينين في ذلك بخبرات السنين الطوال التي مرت على تنظيم المعجم، كما أن دعوة الشدياق في ترك ترتيب القافية قد وجدت صداها لديهم، وإذا أضفنا إلى هذا أنهم كانوا أسبق من غيرهم في "الشرق اتصالًا بالغرب١، وتأثرًا بثقافته فإنا نفهم كيف أنهم عنوا بتلك الناحية، فأخرجوا لنا المعاجم المطولة على الترتيب الأبجدي العادي.
وتمتاز تلك القواميس إلى جانب ترتيبها أنها واضحة العبارة كاملة الشواهد. إلا أنها من ناحية أخرى لم تتخلص من ربقة الزاوية.
وسنقتصر على ذكر قاموسين فقط وضع كلا منهما عالم لغوي ينتمي إلى طائفة دينية خاصة كان بينها، وبين زميلتها تنافس شديد، وهما: طائفة المارونية التي نبتت معجم "محيط المحيط، للبستاني"، وطائفة الجزويت التي تبنت معجم "أقرب الموارد، للشرتوني".
أ- محيط المحيط:
ألف هذا الكتاب العالم اللغوي بطرس البستاني، وقد ذكر في مقدمته أنه وجد أن اللغة العربية بحاجة إلى قاموس عصري مرتب ترتيبًا يسهل استعماله، وأنه وجد كذلك أن القاموس مع شهرته، وكثرة تداوله صعب الاستعمال في هذا العصر نظرًا لترتيبه المبني على القافية، فالحاجة إذن ماسة إلى معجم يشمل "القاموس"، ويزيد عليه بعض ما نحن في حاجة إلى معرفته مستخرجًا ذلك من