في الشعر الذي ذهب فيه إلى أن الشعراء الأول حتى الجاهليين منهم غير معصومين من الخطأ، "فما ورد١ من كلامهم موافقًا لسنن كلام العرب، فمقبول وما ورد غير ذلك فمردود"، وقد أعلن في صراحة أن امرأ القيس مثلًا قد أخطأ حين قال:
فاليوم أشرب غير مستحقب ... إنما من الله ولا واغل
بتسكين الباء من "أشرب"، ولم يقتنع ابن فارس بالتأويلات المتكلفة التي يذكرها النحاة، واللغويون لينزهوا أمرأ القيس من الخطأ، وقال أيضًا: إن شعراء عصره المجيدين يمكن أن يحتج بشعرهم، وهذا رأي له من الخطورة، والجرأة مبلغ كبير في ذلك العصر الذي تمسك بالتقليد القائل بأن الاحتجاج مقصور على الجاهليين، والأمويين من الشعراء فقط.
أ- المجمل:
هذا هو المعجم الذي اشتهر به ابن فارس، فقد عبر اللغويون المتأخرون حين الحديث عنه بقولهم مثلًا "أساس الزمخشري، ومجمل ابن فارس".
وقد نظم هذا المعجم على أساس ترتيب الأبجدية العادية، مراعيًا ذلك في كل أصول الكلمة بما فيها الأول، والثاني، والثالث وهكذا. وكان ابن فارس يعقد فصلًا لكل حرف من حروف الهجاء، ويقول فيه مثلًا باب الحاء وما بعدها. وكان المتبادر للذهن أن يبدأ فصل الحاء، وما بعدها مثلًا بالحاء والهمزة مع بقية حروف الهجاء، ثم الحاء والياء ثم الحاء والتاء، وهكذا، ولكن كلمة "وما بعدها" استعملها ابن فارس لتعني شيئًا آخر، فكان أن قصد بها ما يليها في ترتيب الأبجدية العادية، وهو الخاء