للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأساسية فيه، هي التفرقة بين المعاني الحقيقية، والمعاني المجازية للألفاظ وقد ذكر في مقدمته أن الناشئة في عصره بحاجة إلى كتاب تبسط فيه الألفاظ العربية، وتوضح معانيها المجازي منها والحقيقي، وكذلك مفردات القرآن حين يعرض لها في كتابه، فهو يعني بتبيان المعنى الحقيقي أو المجازي، كما عنى باقتباس تعبيرات بأكلمها من الكتب الأدبية ليوضح فيها استعمال المفردات المختلفة في جمل، فهو بهذا لم يقتصر على التقليد المتوارث من شرح المفردات بالروايات والآراء المتعددة، وقد جعله هذا يقتبس كثيرًا من شعر المتأخرين، ونثرهم مما يوحي بأنه لا يقف عند فترة معينة في نظرية الاحتجاج، ولم ينس كذلك أن يقتبس من كتابه "الكلم النوابغ"، فمثلًا عند المادة "ح ص ن" قال: تقول ركب الحصان وأردف الحصان١.

ومن العجيب أن اللغويين المتأخرين كصاحب القاموس، وصاحب اللسان رغم اطلاعهم على "الأساس"، واقتباسهم عنه لم يشاءوا أن يتبعوا طريقته اليسيرة في تنظم المفردات بل عدلوا عنها إلى ترتيب الجوهري الذي اتخذ نظام القافية أساسًا في كتابه "الصحاح"، وقد يكون لهم بعض العذر أن يعدلوا عن ترتيب ابن فارس، وألا يلتزموه التزامًا حرفيًّا، لما فيه من ذكر المواد لا على اعتبار أن الأبجدية تبدأ بالهمزة بل كل حرف بعد مبدأ في بابه، ومع أن الزمخشري قد التزم ذلك التزامًا كليًّا لم يقتنعوا بأن يقتفوا أثره، ولعل المانع لهم من ذلك أنهم لم يرضوا عن منهج "الأساس" في الحقيقة والمجاز، وأنه قد مثل ببعض عبارات المتاخرين ممن لا يحتج بكلامهم في نظر أصحاب تلك المعاجم، أو أنه كان لمذهب المعتزلة الذي اعتنقه الزمخشري -والمتأخرون من اللغويين سنيون- دخل في ذلك، وقد ذكر البعض أنهم عدلوا عن ترتيب الأساس؛ لأنه لا يحتاج


١ الساس ج١، ص١٧٩.

<<  <   >  >>