للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قبلنا منه هذا العذر فعلى أنه تطبيق عملي لمبدئه الذي ذكره في المقدمة من أنه سوف لا يلتزم حرفيًّا ترتيب الخليل حتى يمكن للجمهرة من الناس أن ينتفضوا بكتابه١.

أما من ناحية الاشتقاق فنرى ابن دريد قد تعسف أحيانًا في توضيح معاني بعض الكلمات من حيث اشتقاقها، وعلى الأخص في أسماء الأعلام المنقولة التي حاول أن يربط بينها وبين وما نقلت عنه، ولو اضطر إلى التعقيد أحيانًا، ولكنها لا تبلغ مبلغ منهجه في كتاب الاشتقاق.

وهذه الهنات وأمثالها في الجمهرة قد جعلت ابن جني يرى ابن دريد بأنه لم يكن دقيقًا في الاشتقاق اللغوي، ورأى ابن جني٢ فيه أنه قد ارتكب أخطاء كبيرة في الاشتقاق، وأن ابن جني عندما وقعت له إحدى نسخ الجمهرة أراد أن يكتب عليها بعض التعليقات، ولكن كثرة الأخطاء التي لاحظها جعلته يستحيي أن يذكرها لأحد؛ لأن ابن دريد قبل كل شيء في نظر ابن جني لم يكن له دراية كاملة بعلم الصرف الذي هو أساس الاشتقاق، وبالتالي أساس تأليف المعاجم.

وهذا بالطبع مبالغة كبيرة من ابن جني في حق الجمهرة.

ومهما بلغ رأي ابن جني فيه من الصواب، فإن ابن دريد لم يكن ليخلق الكلمات اختلافًا، أو يصنعها صنعًا كما نعته بذلك معاصره الأزهري في تهذيب اللغة إذ قال عنه٣: "وممن رمى بافتعال العربية في زماننا ابن دريد".

وفي آخر الجمهرة نجد بابًا عقده المؤلف لما سماه النوادر، وقد قسمه إلى أبواب بحسب الصيغة كما فعل ابن السكيت في "إصلاح النطق"، وهنا لم يراع ابن


١ مقدمة الجمهرة ص٣.
٢ الخصائص ص١٧٠.
٣ مقدمة التهذيب "مخطوطة".

<<  <   >  >>