بنسب الكتاب للخليل في معجمه "البارع" يجعلنا نشك في صدق هذه الرواية تمامًا، ولا يصح أن نعدل عن الواقع وجود رواية تخالفه.
مناقشة الرأي الثاني:
نرى أن الأزهري في تهذيبه حينما لم تسعفه الأمور بما يرمى به الخليل كما فعل بابن دريد وغيره. رأى أن يتحاشى أن يترجم للخليل حتى لا يتعرض لذكر العين تحت اسمه بالمرة، وعندما نرى في مقدمته ذكر الخليل، فإنما كان ذلك عرضًا عند الكلام على آخرين كتلاميذه مثلًا. ونرى قبل أن نعرض للسبب الرئيسي لتجنب الأزهري ذكر الخليل أن نذكر أن تعصب الأزهري لم يكن فقط ضد كتاب العين، أو ابن دريد الذي رأى أن العين تأليف الخليل بل تعداه هذا إلى كل من ألف في المعاجم من قبله. وعلى سبيل المثال قد عرض الأزهري في مقدمته لاثنين من اللغويين أصحاب المعاجم الذين اعتبرهم غير ثقاة، وهما الخزرجي صاحب "تكملة العين"، وأبو الأزهر البخاري صاحب "الحواصل".
ورغم الحملة العنيفة على الخزرنجي فإننا نجد الأزهري كثيرًا ما يقتبس عنه، وينقل الروايات اقتباسًا ونقلًا يشعران القارئ بأنه ثقة كما ينقل عن غيره ممن وثفهم كالأصمعي وأبي عبيدة.
هذه الحملات إذن لها غرض خاص يرمي إليه الأزهري هذا الغرض على ما نظن هو تقرير عدم أهمية المعاجم التي سبقته ليبرز معجمه في صورة الكتاب الذي ليس له قرين، ولعل اسم "التهذيب" الذي يشعر بغربلة ألفاظ اللغة وانتقائها يرمي إلى شيء من هذا كما عبر بذلك صراحة في مقدمته ومع هذا فقد نقل الأزهري كثيرًا عن كتاب العين تحت التعبير "قال الليث": ولكن لا لينبه على خطئه كما وعد بل نقل عنه في أكثر الأحيان كما لو كان.