٢ على الرَّغم من أنَّ مصطلحات "أهل الشورى"، و"أهل الحل والعقد"، يتردَّد ذكرها كثيرًا في الكتب التي تتناول الحديث عن الخلافة والإمامة وشئون الحكم، إلَّا أننا لا نجد في هذه الكتب ما يشير من قريبٍ أو من بعيد إلى كيفيَّة اختيار هذه الهيئة التي تُعْرَف بأهلِ الحلِّ والعقد أو أهل الشورى، ولا من الذي يقوم باختيارهم أو تعيينهم. إننا إذا نظرنا إلى آيات القرآن أو إلِى السنَّة النبوية الصحيحة، لم نجد بين نصوصهما ما يحدِّد صفات أهل الشورى ولا كيفية اختيارهم، بل لم نجد ذلك في عصر الصحابة. يقول الدكتور السنهوري: "ففي عصر الصحابة لم يكن من الممكن التفكير في وضع شروط لمزاولة حقِّ انتخاب أهل الحلِّ والعقد؛ لأن الفكرة السهلة التي سادت هي أنَّ الناخبين هم صحابة النبي، ولو بقيت الخلافة انتخابية بعد جيل الصحابة لشعرت الأمة الإسلامية بضرورة إجراءات منظّمة ومحدّدة لاختيار أهل الحلِّ والعقد وتحديدهم؛ بحيث لا تبقى المسألة الجوهرية، وهي مسألة انتخاب أهل الحلِّ والعقد، ثم انتخاب الخليفة بمعرفتهم دون قواعد محددة". ولعلَّ هذا هو السبب في ذلك الاختلاف البيِّن بين علماء الفقه السياسي الإسلامي قديمًا وحديثًا، ففي الوقت الذي نجد فيه الماوردي يحدِّد شروط أهل الاختيار في ثلاثة شروط فيقول: "العدالة الجامعة لشروطها، والثاني: العلم الذي يتوصّل به إلى معرفة من يستحقّ الإمامة، على الشروط المعتبرة فيها، والثالث: الرأي والحكمة وبتدبير المصالح أقوم وأعرف". كذلك نَجِد الإمام النووي يقول في تعريف أهل الحلِّ والعقد: "إنهم العلماء والرؤساء". بينما يرى الإمام البغدادي أنَّ أهل الشورى هم من لهم حق الاجتهاد فيقول بأنهم: "أهل الاجتهاد". ثم نَجِد من يقول: "إنَّهم الأشراف والأعيان"، ثم نَجِد الإمام محمد عبده يقول: "أهل الحلّ والعقد من المسلمين هم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح". ويقول الإمام محمد عبده: "إن أولي الأمر في زماننا هم كبار العلماء ورؤساء الجند، والقضاة، وكبار التجار والزرَّاع وأصحاب المصالح العامَّة ومديرو الجمعيات والشركات، وزعماء الأحزاب، ونابغو الكُتَّاب والأطباء والمحامين الذين تثق بهم الأمة في مصالحها، وترجع إليهم في مشكلاتها". ثم يحاول الشيخ محمود شلتوت تعريف أهل الشورى فيقول: "أولو الأمر هم أهل النظر الذين عرفوا في =