كتاب الأحكام السلطانية للماوردي

الباب الأول: في عقد الإمامة - فصل: "هل تنعقد الخلافة بولاية العهد" - ص: 30

فصل: "هل تنعقد الخلافة بولاية العهد"؟

وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ١.

---

١ قلت: الثابت تاريخيًّا أن أبا بكر -رضي الله عنه- إنَّمَا رجع إلى أهل الحل والعقد في هذا الأمر وسألهم إن كانوا يرضون من يوليه عليهم فوافقوا جميعًا، لا أنه ولَّى عمر كما يزعم البعض ثم قبلت الأمة، فقد روي أنَّ أبا بكر لمَّا ثقل عليه المرض دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب؟ فقال: ما تسألني عن أمرٍ إلّا وأنت أعلم به منِّي، فقال أبو بكر: وإن. فقال عبد الرحمن بن عوف: هو والله أفضل من رأي كثير، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبرنا به. فقال: على ذلك؟ فقال: اللهم علمي به أنَّ سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن حضير، وغيرهما من المهاجرين والأنصار.