[الباب التاسع: في الولايات على إمامة الصلوات]
وَالْإِمَامَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
وَالثَّانِي: الْإِمَامَةُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
وَالثَّالِثُ: الْإِمَامَةُ فِي صَلَوَاتِ النَّدْبِ.
فَأَمَّا الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَنَصْبُ الْإِمَامِ فِيهَا مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ، وَهِيَ ضَرْبَانِ: مَسَاجِدُ سُلْطَانِيَّةٌ وَمَسَاجِدُ عَامّيَّةٌ.
فَأَمَّا الْمَسَاجِدُ السُّلْطَانِيَّةُ فَهِيَ الْمَسَاجِدُ وَالْجَوَامِعُ وَالْمَشَاهِدُ، وَمَا عَظُمَ وَكَثُرَ أَهْلُهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي يَقُومُ السُّلْطَانُ بِمُرَاعَاتِهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْتَدَبَ لِلْإِمَامَةِ فِيهَا إلَّا مَنْ نَدَبَهُ السُّلْطَانُ لَهَا وَقَلَّدَهُ الْإِمَامَةَ فِيهَا؛ لِئَلَّا يَفْتَئِتَ الرَّعِيَّةُ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ مَوْكُولٌ إلَيْهِ، فَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ فِيهَا إمَامًا كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَأَعْلَمَ.
وَهَذِهِ الْوِلَايَةُ طَرِيقُهَا طَرِيقُ الْأَوْلَى لَا طَرِيقُ اللُّزُومِ وَالْوُجُوبِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالنِّقَابَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إنَّهُ لَوْ تَرَاضَى النَّاسُ بِإِمَامٍ وَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ وَصَحَّتْ جَمَاعَتُهُمْ.
وَالثَّانِي: إنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنَ السُّنَنِ الْمُخْتَارَةِ وَالْفَضَائِلِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْفُرُوضِ الْوَاجِبَةِ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ، إلَّا دَاوُد، فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِإِيجَابِهَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَإِذَا كَانَتْ مِنَ النَّدْبِ الْمُؤَكَّدِ، وَنَدَبَ السُّلْطَانُ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ إمَامًا، لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِيهَا مَعَ حُضُورِهِ؛ فَإِنْ غَابَ وَاسْتَنَابَ كَانَ مَنِ اسْتَنَابَهُ فِيهَا أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْ فِي غَيْبَتِهِ اُسْتُؤْذِنَ الْإِمَامُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ فِيهَا إنْ أَمْكَنَ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ تَرَاضَى أَهْلُ الْبَلَدِ فِيمَنْ يَؤُمُّهُمْ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ جَمَاعَتُهُمْ، فَإِذَا حَضَرَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute