للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الحادي عشر: ولاية الصدقات]

[مدخل]

...

الباب الحادى عشر: ولاية الصدقات

الصَّدَقَةُ زَكَاةٌ، وَالزَّكَاةُ صَدَقَةٌ، يَفْتَرِقُ الِاسْمُ وَيَتَّفِقُ الْمُسَمَّى، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ حَقٌّ سِوَاهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ"١.


١ ضعيف: ضعَّفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع "٤٩٠٩".
الزكاة هي الحق الواجب في المال، متى قامت بحاجة الفقراء، وسدت خلة الموازين وكَفَت البائسين، وأطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف، وقامت بكفاية الجهاد والمجاهدين في سبيل الله.
فإذا لم تكف الزكاة، ولم تف بحاجة المحتاجين وجب في المال حق آخر سوى الزكاة، ويتحدَّد هذا الحق ويتقيّد بالكفاية.
قال تعالي: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٧] .
قال الإمام القرطبيّ مستدلًّا بأن المراد بـ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} حقوق أخرى غير الزكاة بدليل ذكر الزكاة، وبها كمال البر، وقيل: المراد: الزكاة المفروضة، والأول أصح لما أخرجه الدارقطني عن فاطمة بنت قيس قالت: سألت أو سُئِلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الزكاة فقال: "إن في المال لحقًّا سوى الزكاة" ثم تلا هذه الآية التي في البقرة: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} الآية".
قلت: والحديث -وإن كان فيه مقال فقد دلَّ على صحته معنى ما في الآية نفسها من قوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} ، فذكر الزكاة مع الصلاة، وذلك دليل على أن المراد بقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} ليس الزكاة المفروضة، فإن ذلك يكون تكرارًا، والله أعلم.
"واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنَّه يجب صرف المال إليها، وقال مالك -رحمه الله: يجب على الناس فداء أسراهم، وإن استغرق ذلك أموالهم، وهذا إجماع أيضًا، وهو يقوي ما اخترناه والموفق الإله".
ويقول الإمام محمد عبده مبينًا الحكمة من فرض هذه الحقوق الأخرى غير الزكاة عند قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} : "وهذا الإيتاء غير إيتاء الزكاة الآتي، وهو ركن من أركان البر وواجب =

<<  <   >  >>