فصل: "في النهي عن قتل الرهبان"
وَأَمَّا قَتْلُ مَنْ أَضْعَفَهُ الْهَرَمُ، أَوْ أَعْجَزَتْهُ الزَّمَانَةُ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ تَخَلَّى مِنَ الرُّهْبَانِ وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ، فَإِنْ كَانُوا يَمُدُّونَ الْمُقَاتِلَةَ بِرَأْيِهِمْ وَيُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، جَازَ قَتْلُهُمْ عِنْدَ الظَّفَرِ بِهِمْ، وَكَانُوا فِي حُكْمِ الْمُقَاتِلَةِ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِنْ لَمْ يُخَالِطُوهُمْ فِي رَأْيٍ وَلَا تَحْرِيضٍ، فَفِي إبَاحَةِ قَتْلِهِمْ قَوْلَانِ.
فصل:
وَأَمَّا السَّبْيُ فَهُمْ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلُوا إذَا كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ؛ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، وَيَكُونُ سَبْيًا مُسْتَرَقًّا يُقْسَمُونَ مَعَ الْغَنَائِمِ، وَإِنْ كَانَ النِّسَاءُ مِنْ قَوْمٍ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ -كَالدَّهْرِيَّةِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ- وَامْتَنَعْنَ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَلْنَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُسْتَرْقَقْنَ، لَا يُفَرَّقُ فِيمَنْ اُسْتُرْقِقْنَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا".
فَإِنْ فَادَى بِالسَّبْيِ عَلَى مَالٍ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِدَاءَ بَيْعٌ، وَيَكُونُ مَالُ فَدَائِهِمْ مَغْنُومًا مَكَانَهُمْ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِطَابَةُ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ عَنْهُمْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُفَادِيَ بِهِمْ عَنْ أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِي قَوْمِهِمْ عَوَّضَ الْغَانِمِينَ عَنْهُمْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَنَّ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاسْتِطَابَةِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ عَنْهُمْ إمَّا بِالْعَفْوِ عَنْ حُقُوقِهِمْ مِنْهُمْ، وَإِمَّا بِمَالٍ يُعَوِّضُهُمْ عَنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute