ولأصحاب الشافعي طريقان: أحدهما: يقضي بعلمه قطعًا، والثاني: إنَّ المسألة على قولين أظهرهما أكثر الصحابة يقضي به. قالوا: لأنه يقضي بشاهدين، وذلك يفيد ظنًّا، فالعلم أولى بالجواز، وأجابوا عمَّا احتج به المانعون من ذلك من التهمة أنَّ القاضي لو قال: ثبت عندي وصحَّ كذا وكذا، ألزم قبوله بلا خلاف، ولم يبحث عمَّا ثبت به وصحَّ، والتهمة قائمة. ووجه هذا أنَّه لما ملك الإنشاء ملك الإخبار، ثم بنوا على القولين ما علمه في زمن ولايته ومكانها وما علمه في غيرها. قالوا: فإن قلنا: لا يقضي بعلمه، فذلك إذا كان مستنده مجرد العلم، أمَّا إذا شهد رجلان يعرف عدالتهما فله أن يقضي ويغنيه علمه بهما عن تزكيتهما، وفيه وجه ضعيف لا يغنيه ذلك عن تزكيتهما للتهمة. قالوا: ولو أقرَّ بالمدَّعَى به في مجلس قضائه قضى وذلك قضاء بالإقرار لا يعلمه، وإن أقر عنده سرًّا فعلى القولين، وقيل: يقضي قطعًا، ولو شهد عنده واحد فهل يغنيه علمه عن الشاهد الآخر على قول =