للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[مقدمة المؤلف]

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْضَحَ لَنَا مَعَالِمَ الدِّينِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ، وَشَرَعَ لَنَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَفَصَّلَ لَنَا مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَا جَعَلَهُ عَلَى الدُّنْيَا حُكْمًا تَقَرَّرَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْخَلْقِ، وَثَبَتَتْ بِهِ قَوَاعِدُ الْحَقِّ، وَوَكَّلَ إلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا أَحْسَنَ فِيهِ التَّقْدِيرَ، وَأَحْكَمَ بِهِ التَّدْبِيرَ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَدَّرَ وَدَبَّرَ، وَصَلَوَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى رَسُولِهِ الَّذِي صَدَعَ بِأَمْرِهِ، وَقَامَ بِحَقِّهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْأَحْكَامُ السُّلْطَانِيَّةُ بِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَحَقَّ، وَكَانَ امْتِزَاجُهَا بِجَمِيعِ الْأَحْكَامِ يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَصَفُّحِهَا مَعَ تَشَاغُلِهِمْ بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ، أَفْرَدْتُ لَهَا كِتَابًا امْتَثَلْتُ فِيهِ أَمْرَ مَنْ لَزِمَتْ طَاعَتُهُ؛ لِيَعْلَمَ مَذَاهِبَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا لَهُ مِنْهَا فَيَسْتَوْفِيهِ، وَمَا عَلَيْهِ مِنْهَا فَيُوَفِّيهِ؛ تَوَخِّيًا لِلْعَدْلِ فِي تَنْفِيذِهِ وَقَضَائِهِ، وَتَحَرِّيًا لِلنَّصَفَةِ فِي أَخْذِهِ وَعَطَائِهِ، وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حُسْنَ مَعُونَتِهِ، وَأَرْغَبُ إلَيْهِ فِي تَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَهُوَ حَسْبِي وَكَفَى.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ نَدَبَ لِلْأُمَّةِ زَعِيمًا خَلَفَ بِهِ النُّبُوَّةَ، وَحَاطَ بِهِ الْمِلَّةَ، وَفَوَّضَ إلَيْهِ السِّيَاسَةَ؛ لِيَصْدُرَ التَّدْبِيرُ عَنْ دِينٍ مَشْرُوعٍ، وَتَجْتَمِعَ الْكَلِمَةُ عَلَى رَأْيٍ مَتْبُوعٍ، فَكَانَتْ الْإِمَامَةُ أَصْلًا عَلَيْهِ اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُ الْمِلَّةِ، وَانْتَظَمَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْأُمَّةِ حَتَّى اسْتَثْبَتَتْ بِهَا الْأُمُورُ الْعَامَّةُ، وَصَدَرَتْ عَنْهَا الْوِلَايَاتُ الْخَاصَّةُ، فَلَزِمَ تَقْدِيمُ حُكْمِهَا عَلَى كُلِّ حُكْمٍ سُلْطَانِيٍّ، وَوَجَبَ ذِكْرُ مَا اخْتَصَّ بِنَظَرِهَا عَلَى كُلِّ نَظَرٍ دِينِيٍّ؛ لِتَرْتِيبِ أَحْكَامِ الْوِلَايَاتِ عَلَى نَسَقٍ مُتَنَاسِبِ الْأَقْسَامِ، مُتَشَاكِلِ الْأَحْكَامِ.

وَاَلَّذِي تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ مِنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوِلَايَاتِ الدِّينِيَّةِ عِشْرُونَ بَابًا؛

فَالْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي عَقْدِ الْإِمَامَةِ.

وَالْبَابُ الثَّانِي: فِي تَقْلِيدِ الْوَزَارَةِ.

<<  <   >  >>