للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُرْصَدَةِ لِلنَّمَاءِ، إمَّا بِأَنْفُسِهَا أَوْ بِالْعَمَلِ فِيهَا؛ طُهْرَةً لِأَهْلِهَا وَمَعُونَةً لِأَهْلِ السَّهْمَانِ.

وَالْأَمْوَالُ الْمُزَكَّاةُ ضَرْبَانِ: ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ، فَالظَّاهِرَةُ: مَا لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ؛ كَالزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَالْمَوَاشِي، وَالْبَاطِنَةُ: مَا أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ لِوَالِي الصَّدَقَاتِ نَظَرٌ فِي زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَأَرْبَابُهُ أَحَقُّ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَبْذُلَهَا أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ طَوْعًا فَيَقْبَلُهَا مِنْهُمْ، وَيَكُونُ فِي تَفْرِيقِهَا عَوْنًا لَهُمْ؛ وَنَظَرُهُ مُخْتَصٌّ بِزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يُؤْمَرُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ.

وَفِي هَذَا الْأَمْرِ إذَا كَانَ عَادِلًا فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيجَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ التَّفَرُّدُ بِإِخْرَاجِهَا وَلَا تُجْزِئُهُمْ إنْ أَخْرَجُوهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إظْهَارًا لِلطَّاعَةِ، وَإِنْ تَفَرَّدُوا بِإِخْرَاجِهَا أَجْزَأَتْهُمْ، وَلَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا أَنْ يُقَاتِلَهُمْ عَلَيْهَا إذَا امْتَنَعُوا مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا قَاتَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَانِعِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ طَاعَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ إذَا عَدَلُوا بُغَاةً، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنْ قِتَالِهِمْ إذَا أَجَابُوا إلَى إخْرَاجِهَا بِأَنْفُسِهِمْ.

وَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا عَادِلًا عَالِمًا بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ كَانَ مُنَفِّذًا قَدْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرٍ يَأْخُذُهُ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَلَّدَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَاتُ مِنْ ذِي الْقُرْبَى، وَلَكِنْ يَكُونُ رِزْقُهُ عَنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ.

وَلَهُ إذَا قُلِّدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُقَلَّدَ أَخْذَهَا وَقَسْمَهَا، فَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى مَا سَنَشْرَحُ.


= كالزكاة، وذلك حيث تعرض الحاجة إلى البذل في غير وقت أداء الزكاة، بأن يرى الواحد مضطرًا بعد أداء الزكاة أو قبل تمام الحول، وهو لا يشترط فيه نصاب معين، بل هو حسب الاستطاعة، فإذا كان لا يملك إلا رغيفًا، ورأى مضطرًا إليه في حال استغنائه عنه بأن لم يكن محتاجًا إليه لنفسه، أو لمن تجب عليه نفقته، وجب عليه بذله، وليس المضطر وحده هو الذي له الحق في ذلك، بل أمر الله تعالى المؤمن أن يعطى من غير الزكاة". [يراجع في ذلك فقه الزكاة لشيخنا الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه الله تعالي] .

<<  <   >  >>