وَإِنْ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ قَدْ مُنِعَ أَهْلُهُ مِنْ تَفْرِيقِ الْجُمُعَةِ، فِيهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: إنَّ الْجُمُعَةَ لِأَسْبَقِهِمَا بِإِقَامَتِهَا، وَعَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ ظُهْرًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّ الْجُمُعَةَ لِلْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ الَّذِي يَحْضُرُهُ السُّلْطَانُ سَابِقًا كَانَ أَوْ مَسْبُوقًا، وَعَلَى مَنْ صَلَّوْا فِي الْأَصْغَرِ إعَادَةُ صَلَاتِهِمْ ظُهْرًا، وَلَيْسَ لِمَنْ قُلِّدَ إمَامَةَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَؤُمَّ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ قُلِّدَ إمَامَةَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، هَلْ يَسْتَحِقُّ الْإِمَامَةَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنَعَهُ مِنْهَا مَنْ جَعَلَ الْجُمُعَةَ فَرْدًا مُبْتَدَأً، وَجَوَّزَهَا لَهُ مَنْ جَعَلَهَا ظُهْرًا مَقْصُورًا.
وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ يَرَى أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَكَانَ الْمَأْمُومُونَ وَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا يَرَوْنَ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَالْمَأْمُومُونَ لَا يَرَوْنَهُ وَهُمْ أَقَلُّ، لَمْ يَلْزَمْ الْإِمَامَ وَلَا الْمَأْمُومِينَ إقَامَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ لَا يَرَوْنَهُ، وَالْإِمَامَ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَنْ يُصَلِّيهَا.
وَإِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ الْإِمَامَ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ كَانَ يَرَاهُ مَذْهَبًا؛ لِأَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَمَصْرُوفٌ عَمَّا دُونَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِمْ مَنْ يُصَلِّيهَا لِصَرْفِ وِلَايَتِهِ عَنْهَا، وَإِذَا أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ، وَهُوَ لَا يَرَاهُ، فَفِي وِلَايَتِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا إنَّهَا بَاطِلَةٌ لِتَعَذُّرِهَا مِنْ جِهَتِهِ.
وَالثَّانِي: إنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute