٢ قلت: بل يرجع في ذلك إلى رأي الأمَّة لتختار من يتولَّى هذا المنصب الجليل، فالشعب وحده هو صاحب الحقِّ في اختيار الحاكم، ولا يحقّ لأحد مهما بلغت قوته ونفوذه الافتئات على الشعب، فيقوم باختيار الحاكم وتوليته من تلقاء نفسه، ومن يفعل ذلك فقد تعدَّ حدوده وخان هذه الأمة. ولعلَّ هذا ما لفت إليه الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه الأنظار حين سمع من يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانًا، فقال عمر معترضًا ومؤكدًا على مبدأ سيادة الشعب: "إني لقائم العشية في الناس فمحذّرهم من هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا الناس أمرهم". غير أنَّ هناك من يرى أنَّ أهل الشورى الذين يُنَاط بهم اختيار الحاكم هم أهل الحل والعقد وحدهم وليس عامَّة الشعب، ومن هؤلاء المعتزلة الذين يرون أنَّ العامة لا تصلح لذلك، وها هو ذا أحد مفكريهم يقول: "إنَّ العامة لا تعرف معنى الإمامة ولا تأويل الخلافة، ولا تفصل بين فضل وجودها =