للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفَرَسُهُ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ أَسْهَمَ لَهُ، وَإِذَا جَاءَهُمْ مَدَدٌ قَبْلَ انْجِلَاءِ الْحَرْبِ شَارَكُوهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ جَاءُوا بَعْدَ انْجِلَائِهَا لَمْ يُشَارِكُوهُمْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ قَبْلَ انْجِلَائِهَا شَارَكُوهُمْ، وَيُسَوَّى فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ بَيْنَ مُرْتَزِقَةِ الْجَيْشِ وَبَيْنَ الْمُتَطَوِّعَةِ إذَا شَهِدَ جَمِيعُهُمْ الْوَقْعَةَ.

وَإِذَا غَزَا قَوْمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَانَ مَا غَنِمُوهُ مَخْمُوسًا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُخَمِّسُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَمْلِكُ مَا غَنِمُوهُ.

وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ، أَوْ كَانَ مَأْسُورًا مَعَهُمْ، فَأَطْلَقُوهُ وَأَمَّنُوهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَغْتَالَهُمْ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ، وَقَالَ دَاوُد: يَجُوزُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إلَّا أَنْ يَسْتَأْمِنُوهُ، فَيَلْزَمُهُ الْمُوَادَعَةُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاغْتِيَالُ.

وَإِذَا كَانَ فِي الْمُقَاتِلَةِ مَنْ ظَهَرَ عَنَاؤُهُ وَأَثَّرَ بَلَاؤُهُ لِشَجَاعَتِهِ وَإِقْدَامِهِ أَخَذَ سَهْمَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ أُسْوَةَ غَيْرِهِ، وَزِيدَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ بِحَسَبِ عَنَائِهِ، فَإِنَّ لِذِي السَّابِقَةِ وَالْإِقْدَامِ حَقًّا لَا يُضَاعُ؛ قَدْ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلَ رَايَةٍ عَقَدَهَا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَتَوَجَّهَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ إلَى أَدْنَى مَاءٍ بِالْحِجَازِ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَرَمَى سَعْدٌ وَنَكَى؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ رَمَى سَهْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ "مِنَ الْوَافِرِ":

أَلَا هَلْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي ... حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي

أَذُودُ بِهَا أَوَائِلَهُمْ ذِيَادًا ... بِكُلِّ حَزُونَةٍ وَبِكُلِّ سَهْلِ

فَمَا يُعْتَدُّ رَامٍ فِي عَدُوٍّ ... بِسَهْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلِي

وَذَلِكَ أَنَّ دِينَكَ دِينُ صِدْقٍ ... وَذُو حَقٍّ أَتَيْتَ بِهِ وَعَدْلِ

فَلَمَّا قَدِمَ اعْتَذَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا سَبَقَ إلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ.

<<  <   >  >>