للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجِزْيَةِ أُخِذَتَا مَعًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا كَانَتْ جِزْيَةً إذَا لَمْ تَنْقُصْ فِي السَّنَةِ عَنْ دِينَارٍ.

وَإِذَا صُولِحُوا عَلَى ضِيَافَةِ مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُدِّرَتْ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأُخِذُوا بِهَا لَا يُزَادُونَ عَلَيْهَا، كَمَا صَالَحَ عُمَرُ نَصَارَى الشَّامِ عَلَى ضِيَافَةِ مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِمَّا يَأْكُلُونَ، وَلَا يُكَلِّفُهُمْ ذَبْحَ شَاةٍ وَلَا دَجَاجَةٍ، وَتَبْيِيتِ دَوَابِّهِمْ مِنْ غَيْرِ شَعِيرٍ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ دُونَ الْمُدُنِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةَ وَمُضَاعَفَةَ الصَّدَقَةِ، فَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِمْ فِي زَرْعٍ وَلَا ثَمَرَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ إضَافَةُ سَائِلٍ وَلَا سَابِلٍ.

وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ شَرْطَانِ: مُسْتَحَقٌّ وَمُسْتَحَبٌّ، أَمَّا الْمُسْتَحَقُّ فَسِتَّةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَذْكُرُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى بِطَعْنٍ فِيهِ وَلَا تَحْرِيفٍ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَذْكُرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَكْذِيبٍ لَهُ وَلَا ازْدِرَاءٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَذْكُرُوا دِينَ الْإِسْلَامِ بِذَمٍّ لَهُ وَلَا قَدْحٍ فِيهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُصِيبُوا مُسْلِمَةً بِزِنًا وَلَا بِاسْمِ نِكَاحٍ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَفْتِنُوا مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، وَلَا يَتَعَرَّضُوا لِمَالِهِ وَلَا دِينِهِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ لَا يُعِينُوا أَهْلَ الْحَرْبِ وَلَا يَوَدُّوا أَغْنِيَاءَهُمْ.

فَهَذِهِ السِّتَّةُ حُقُوقٌ مُلْتَزَمَةٌ فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ إشْعَارًا لَهُمْ وَتَأْكِيدًا؛ لِتَغْلِيظِ الْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ ارْتِكَابُهَا بَعْدَ الشَّرْطِ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ.

وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ فَسِتَّةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: تَغْيِيرُ هَيْئَاتِهِمْ بِلُبْسِ الْغِيَارِ وَشَدِّ الزُّنَّارِ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَعْلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَبْنِيَةِ وَيَكُونُوا إنْ لَمْ يَنْقُصُوا مُسَاوِينَ لَهُمْ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يُسْمِعُوهُمْ أَصْوَاتَ نَوَاقِيسِهِمْ وَلَا تِلَاوَةَ كُتُبِهِمْ، وَلَا قَوْلِهِمْ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُجَاهِرُوهُمْ بِشُرْبِ خُمُورِهِمْ، وَلَا بِإِظْهَارِ صُلْبَانِهِمْ وَخَنَازِيرِهِمْ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ، وَلَا يُجَاهِرُوا بِنَدْبٍ عَلَيْهِمْ وَلَا نِيَاحَةٍ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ عِنَاقًا وَهِجَانًا، وَلَا يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ

<<  <   >  >>