للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلِّ جَرِيبٍ مِنَ الْكَرْمِ وَالشَّجَرِ الْمُلْتَفِّ عَشْرَ دَرَاهِمَ، وَمِنَ النَّخْلِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنْ قَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَمِنَ الرَّطْبَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنَ الْبُرِّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، وَمِنَ الشَّعِيرِ دِرْهَمَيْنِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَمْضَاهُ وَعَمِلَ فِي نَوَاحِي الشَّامِ عَلَى غَيْرِ هَذَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ رَاعَى فِي كُلِّ أَرْضٍ مَا تَحْتَمِلُهُ.

وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاضِعُ الْخَرَاجِ بَعْدَهُ يُرَاعِي فِي كُلِّ أَرْضٍ مَا تَحْتَمِلُهُ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، يُؤَثِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي زِيَادَةِ الْخَرَاجِ وَنُقْصَانِهِ:

أَحَدُهَا: مَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ مِنْ جَوْدَةٍ يَزْكُو بِهَا زَرْعُهَا، أَوْ رَدَاءَةٍ يَقِلُّ بِهَا رِيعُهَا.

وَالثَّانِي: مَا يَخْتَصُّ بِالزَّرْعِ مِنِ اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، فَمِنْهَا: مَا يَكْثُرُ ثَمَنُهُ، وَمِنْهَا: مَا يَقِلُّ ثَمَنُهُ، فَيَكُونُ الْخَرَاجُ بِحَسَبِهِ.

وَالثَّالِثُ: ُ مَا يَخْتَصُّ بِالسَّقْيِ وَالشُّرْبِ؛ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَ الْمُؤْنَةَ فِي سَقْيِهِ بِالنَّوَاضِحِ وَالدَّوَالِي لَا يَحْتَمِلُ مِنَ الْخَرَاجِ مَا يَحْتَمِلُهُ سَقْيُ السُّيُوحِ وَالْأَمْطَارِ.

وَشُرْبُ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ يَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا سَقَاهُ الْآدَمِيُّونَ بِغَيْرِ آلَةٍ كَالسُّيُوحِ١ مِنَ الْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ يُسَاقُ إلَيْهَا، فَيَسِيحُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيُمْنَعُ مِنْهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ، وَهَذَا أَوْفَرُ الْمِيَاهِ مَنْفَعَةً وَأَقَلُّهَا كُلْفَةً.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا سَقَاهُ الْآدَمِيُّونَ بِآلَةٍ مِنْ نَوَاضِحَ٢ وَدَوَالِيبَ أَوْ دَوَالِيَ، وَهَذَا أَكْثَرُ الْمِيَاهِ وَأَشَقُّهَا عَمَلًا.


١ السيح: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض، وفي التهذيب: الماء الظاهر على وجه الأرض، وجمعه سيوح. [اللسان: ٢/ ٤٩٢] .
٢ النضح: سقي الزرع وغيره بالسانية، ونضح زرعه: سقاه بالدلو، والناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأنثي: ناضحة وسانية. [اللسان: ٢/ ٦١٩] .

<<  <   >  >>