الَّتِي وُلِدَ فِيهَا فِي شِعْبِ بَنِي عَلِيٍّ، وَوَرِثَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- دَارَهَا بِمَكَّةَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ خَلْفَ سُوقِ الْعَطَّارِينَ وَأَمْوَالًا، وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ اشْتَرَى لِخَدِيجَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مِنْ سُوقِ عُكَاظٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْتَقَهُ وَزَوَّجَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَوَلَدَتْ أُمُّ أَيْمَنُ أُسَامَةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، فَأَمَّا الدَّارَانِ فَإِنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَاعَهُمَا بَعْدَ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قِيلَ لَهُ: فِي أَيِّ دَارَيْكَ تَنْزِلُ؟ فَقَالَ: هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا بَاعَهُ عَقِيلٌ؛ لِأَنَّهُ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ وَمَكَّةُ دَارُ حَرْبٍ يَوْمَئِذٍ، فَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُسْتَهْلَكِ، فَخَرَجَتْ هَاتَانِ الدَّارَانِ مِنْ صَدَقَاتِهِ.
وَأَمَّا دُورُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فَقَدْ كَانَ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا، وَوَصَّى بِذَلِكَ لَهُنَّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَطِيَّةَ تَمْلِيكٍ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ صَدَقَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَطِيَّةَ سُكْنَى وَإِرْفَاقٍ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ صَدَقَاتِهِ، وَقَدْ دَخَلَتْ الْيَوْمَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا أَحْسَبُ مِنْهَا مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ.
وَأَمَّا رَحْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآلَتُهُ، فَقَدْ رَوَى هِشَامٌ الْكَلْبِيُّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- دَفَعَ إلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- آلَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَابَّتَهُ وَحِذَاءَهُ، وَقَالَ: مَا سِوَى ذَلِكَ صَدَقَةٌ، وَرَوَى الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَإِنْ كَانَتْ دِرْعُهُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْبَتْرَاءِ، فَقَدْ حُكِيَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا- يَوْمَ قُتِلَ، فَأَخَذَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَلَمَّا قَتَلَ الْمُخْتَارُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، صَارَتْ الدِّرْعُ إلَى عَبَّادِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ إنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ -وَكَانَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ- سَأَلَ عَبَّادًا عَنْهَا فَجَحَدَهُ إيَّاهَا، فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِثْلُ عَبَّادٍ لَا يُضْرَبُ، إنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يُعْفَى عَنْهُ؛ ثُمَّ لَا يُعْرَفُ لِلدِّرْعِ خَبَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ.
أَمَّا الْبُرْدَةُ: فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا، فَحَكَى أَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ وَهَبَهَا لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْر، ٍ وَاشْتَرَاهَا مِنْهُ مُعَاوِيَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهِيَ الَّتِي يَلْبَسُهَا الْخُلَفَاءُ، وَحَكَى ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ هَذِهِ الْبُرْدَةَ أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَ آيِلَةَ أَمَانًا لَهُمْ، فَأَخَذَهَا مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ عَامِلًا عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ، وَكَانَتْ فِي خَزَائِنِهِ حَتَّى أُخِذَتْ بَعْدَ قَتْلِهِ، وَقِيلَ: اشْتَرَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute