للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرابع: السَّلَامة من الآفات المانعة من القتال؛ فلا يجوز أن يكون زمنًا ولا أعمى ولا أقطع، ويجوز أن يكون أخرس أو أصمّ، فأمَّا الأعرج فإن كان فارسًا أثبت، وإن كان راجلًا لم يثبت.

والخامس: أن يكون فيه إقدام على الحروب ومعرفة بالقتال، فإن ضعفت منَّته عن الإقدام، أو قلَّت معرفته بالقتال لم يجز إثباته؛ لأنه مرصد لما هو عاجز عنه، فإذا تكاملت فيه هذه الأوصاف الخمسة كان إثباته في ديوان الجيش موقوفًا على الطلب والإيجاب، فيكون منه الطلب إذا تجرَّد عن كل عمل، ويكون لمن ولي الأمر الإجابة إذا دعت الحاجة إليه، فإن كان مشهور الاسم نبيّه القدر لم يحسن إذا أثبت في الديوان أن يحلَّى فيه أو ينعت، فإن كان من المغمورين في الناس حلي ونعت، فذكر سنه وقدُّه ولونه وحلِّي وجهه، ووصف بما يتميّز به عن غيره؛ لئلَّا تتفق الأسماء ويدَّعي وقت العطاء، وضمَّ إلى نقيب عليه أو عريف له؛ ليكون مأخوذًا بدركه.

فصل:

واما ترتيبهم في الديوان إذا أثبتوا فيه فمعتبر من وجهين: أحدهما عام، والآخر خاص.

فأمَّا العام: فهو ترتيب القبائل والأجناس حتى تتميّز كل قبيلة عن غيرها، وكل جنس عمن خالفة، فلا يجمع فيه بين المختلفين، ولا يفرّق به بين المتفقين؛ لتكون دعوة الديوان على نسق واحد معروف بالنسب، يزول به التنازع والتجاذب، وإذا كان هكذا لم يخل حالهم من أن يكونوا عربًا أو عجمًا، فإن كانوا عربًا تجمعهم أنساب، وتفرق بينهم أنساب ترتيب قبائلهم بالقربى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، كما فعل عمر -رضي الله عنه- حين دونهم.

فيبدأ بالترتيب في أصل النسب، ثم بما يتفرَّع عنه، فالعرب عدنان وقحطان، فتقدم عدنان على قحطان؛ لأنَّ النبوة فيهم، وعدنان يجمع ربيعة ومضر، فتقدم مضر على ربيعة؛ لأنَّ النبوة فيهم، ومضر يجمع قريشًا وغير قريش، فتقدَّم قريش؛ لأن النبوة فيهم، وقريش يجمع بني هاشم وغيرهم، فتقدَّم بنو هاشم؛ لأنَّ النبوة فيهم، فيكون بنو هاشم قطب الترتيب، ثم بمن يليهم من أقرب الأنساب إليهم يستوعب قريشًا، ثم بمن يليهم في النسب حتى

<<  <   >  >>