وأما القسم الثاني بالأعمال من رسوم وحقوق فيشتمل على ستة فصول:
أحدهما: تحديد العمل بما يتميز به من غيره، وتفصيل نواحيه التي تختلف أحكامها، فيجعل لكل بلد حدًّا لا يشاركه فيه غيره، ويفصل نواحي كل بلد إذا اختلفت أحكام نواحيه، وإن اختلفت أحكام الضياع في كل ناحية فصلت ضياعة كتفصيل نواحيه، وإن لم تختلف اقتصر على تفصيل النواحي دون الضياع.
والفصل الثاني: أن يذكر حال البلد هل فتح عنوة أو صلحًا، وما استقرَّ عليه حكم أرضه من عشر أو خراج، وهل اختلفت أحكامه ونواحيه أو تساوت؟ فإنه لا يخلو من ثلاثة أحوال: إمَّا أن يكون جميعه أرض عشر، أو جميعه أرض خراج، أو يكون بعضه عشرًا وبعضه خراجًا، فإن كان جميعه أرض عشر لم يلزم إثبات مسائحه؛ لأنَّ العشر على الزرع دون المساحة، ويكون ما استؤنِفَ زرعه مرفوعًا إلى ديوان العشر لا مستخرجًا منه، ويلزم تسمية أربابه عند رفعه إلى الديوان؛ لأنَّ وجوب العشر فيه معتبر بأربابه دون رقاب الأرضين.
وإذا رفع الزرع بأسماء أربابه ذكر مبلغ كيله، وحال سفيه بسيح أو عمل لاختلاف حكمه ليستوفي على موجبه، وإن كان جميعه أرض خراج لزم إثبات مسائحه؛ لأن الخراج على المساحة، فإن كان هذا الخراج في حكم الأجرة لم يلزم تسمية أرباب الأرضين؛ لأنه لا يختلف بإسلام ولا كفر، وإن كان الخراج في حكم الجزية لزم تسمية أربابه ووصفهم بالإسلام والكفر؛ لاختلاف حكمه باختلاف أهله، وإن كان بعضه عشرًا وبعضه خراجًا فصّل في ديوان العشر ما كان منه عشرًا، وفي ديوان الخراج ما كان منه خراجًا؛ لاختلاف الحكم فيها، وأجري على كل واحد منهما ما يختص بحكمه.
والفصل الثالث: أحكام خراجه، وما استقرَّ على مسائحه، هل هو مقاسمة على زرعه أو هو رزق مقدَّر على خراجه؛ فإن كان مقاسمة لزم إذا أخرجت مسائح الأرضين من ديوان الخراج أن يذكر معها مبلغ المقاسمة من ربع أو ثلث أو نصف، ويرفع إلى الديوان مقادير