للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَمَّا ترك من المعروف الظاهر؛ ليأمر بإقامته، وليس على غيره من المتطوعة بحث ولا فحص.

والسادس: إنَّ له أن يتخذ على إنكاره أعوانًا؛ لأنه عمل هو له منصوب وإليه مندوب؛ ليكون له أقهر وعليه أقدر، وليس للمتطوع أن يندب لذلك أعوانًا.

والسابع: إنَّ له أن يعزِّر في المنكرات الظاهرة لا يتجاوز إلى الحدود، وليس للمتطوع أن يعزر على منكر.

والثامن: أن له أن يرتزق على حسبته من بيت المال، ولا يجوز للمتطوع أن يرتزق على إنكار منكر.

والتاسع: إنَّ له اجتهاد رأيه فيما تعلق بالعرف دون الشرع؛ كالمقاعد في الأسواق وإخراج الأجنحة فيه، فيقر وينكر من ذلك ما أدَّاه اجتهاده إليه، وليس هذا للمتطوع، فيكون الفرق بين والي الحسبة وإن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وبين غيره من المتطوعين وإن جاز أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من هذه الوجوه التسعة.

وإذا كان كذلك فمن شروط والي الحسبة أن يكون حرًّا عدلًا، ذا رأي وصرامة وخشونة في الدين، وعلم بالمنكرات الظاهرة١.


١ قال ابن تيمية موضحًا ما يندرج ويقع تحت اختصاصات المحتسب: وأما ولاية الحسبة فخاصتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان ونحوهم، فعلى متولي الحسبة أن يأمر العامة بالصلوات الخمس في مواقيتها، ويعاقب من لم يصل بالضرب والحبس، وأما القتل فإلى غيره.
ويتعاهد الأئمة والمؤذنين، فمن فرّط منهم فيما يجب عليه من حقوق الأمة وخرج عن المشروع ألزمه به، واستعان فيما يعجز عنه بوالي الحرب والقاضي، واعتناء ولاة الأمور بإلزام الرعية بإقامة الصلاة أهم من كل شيء، فإنها عماد الدين وأساسه وقاعدته، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يكتب إلى عماله أن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها أشد إضاعة.
ويأمر والي الحسبة بالجمعة والجماعة، وأداء الأمانة والصدق، والنصح في الأقوال والأعمال، وينهى عن الخيانة وتطفيف المكيال والميزان، والغش في الصناعات والبياعات، ويتفقَّد أحوال المكاييل والموازين، وأحوال الصناع الذين يصنعون الأطعمة والملابس والآلات، فيمنعهم من صناعة المحرم =

<<  <   >  >>