أما المجتمع البرهمي، فهو على العكس من ذلك، نموذج للمجتمع المبني على طوابق، المجتمع المنقسم إلى طوائف متراكبة، حتى في داخل البناء الاجتماعي في الهند الحديثة، على الرغم من جهود غاندي.
والمجتمع الأوربي في القرن التاسع عشر، يقدم لنا مثالاً آخر للتراكب الاجتماعي بين الطبقاًت المختلفة التي كان يتألف منها.
فهذه إذن طائفة من الأمثلة على التنوع التاريخي أو التشكيلي في المجتمع الذي ندرسه. بيد أن في هذه الأمثلة جميعاً عدداً من الخصائص المشتركة. فالمجتمع - أيا كان نموذجه التاريخي أو التشكيلي- ليس مجرد جمع لعناصر، أو أشخاص، تدعوهم غريزة الجماعة إلى أن يتكتلوا في إطار اجتماعي معين.
هذه الغريزة وسيلة لإنشاء المجتمع، وليست سبباً في إنشائه، إذ يضم المجتمع ما هو أكثر من مجرد مجموعة من الأفراد الذين يؤلفون صورته، يضم عدداً من الثوابت التي يدين لها بدوامه، وبتحديد شخصيته في صورة مستقلة تقريباً عن أفراده.
ويمكن أن نفصل الأمر بطريقتين:
أ - فقد يحدث في بعض الظروف التاريخية أن يفقد مجتمع ما شخصيته ويمحى من التاريخ، ومع ذلك فإن عدد أفراده قد لا يتغير في هذه الحالة، بل يحتفظ كل فرد بغريزة العيش في جماعة، وهي الغريزة التي تحدد معالم الإنسان بوصفه كائناً اجتماعياً، وإنما أصبح الأفراد مجرد أنقاض لمجتمع بائد، أنقاض مهيأة لأن تدخل في بناء جسد اجتماعي جديد.
ففي أعقاب معركة (أليزيا Alésia) اختفى المجتمع الغالي، ولكن الغال أفرادا لم يختفوا، بل تحولوا إلى مواد مهيأة للدخول في بناء جسد اجتماعي آخر، هو المجتمع الروماني.