لو أننا وجدنا في مكان معين وفي زمن معين، نشاطاً متآلفاً من الناس والأفكار والأشياء دلنا ذلك على أن الحضارة قد بدأت في هذا المجال، وأن تركيبها قد تم فعلاً (في عالم الأشخاص).
إن العمل الأول في طريق التغيير الاجتماعي هو العمل الذي يغير الفرد من كونه (فرداً) (( Individu)) إلى أن يصبح (شخصاً) (( Personne)) وذلك بتغيير صفاته البدائية التي تربطه بالنوع إلى نزعات اجتماعية تربطه بالمجتمع.
هذه العلاقات الخاصة بعالم (الأشخاص) هي التي تقدم الروابط الضرورية بين الأفكار والأشياء، في نطاق النشاط المشترك الذي يقوم به مجتمع ما.
واجتماع الأشخاص في أي ظرف وفي أي مكان، هو التعبير المرئي عن هذه العلاقات في مجال معين من مجالات النشاط الاجتماعي.
وجميع صور هذا الاجتماع- سواء كانت في هيئة تظاهرة أم مدرسة، أم جيش أم مصنع أم نقابة أم سينما .. هي تعبير عن شبكة هذه العلاقات في صور مختلفة.
فالاجتماع الذي يتمثل فيه أول عمل يؤديه مجتمع إبان ميلاده يترجم ترجمة صادقة وقوية عن شبكة علاقاته.
وأصدق ما يدل على ذلك في المجتمع الإسلامي اجتماع المسلمين في المسجد، في صلاة الجمعة مثلاً، فهذا الاجتماع يحمل في مضونه أكبر المعاني التي تذكره بميلاده: فهو رمزه وتذكاره.