رأينا أن المجتمع لا ينتج القيمة الخلقية التي تنظم حياته، أو بحسب ما اصطلحنا عليه: تنظيم العلاقة التي تتيح له أن يتم نشاطه المشترك.
ورأينا من ناحية أخرى أن هذا العمل يبدأ إذا ما تم تركيب الإنسان والتراب والوقت.
لكن هذا التركيب- الذي يتفق من الوجهة التاريخية مع ظهور حضارة معينة- لا ينتج تلقائياً، إذ أن هناك جماعات بشرية ما زالت تعيش حتى الآن في حالة ما قبل الحضارة.
وإنما يتم هذا التركيب على أثر حدوث (عارض غير عادي)، أو بعبارة أخرى (ظرف استثنائي).
لقد اختلفت آراء المدارس المختلفة فيما بينها في تفسير ماهية هذا (العارض).
فتوينبي يرى أنه يظهر في صورة (تحدٍّ) يخلقه الوسط الطبيعي أو البشري، خلقاً يصبح معه المجتمع ملزماً بمواجهته والإجابة عليه، كما سبق أن رأينا.
وهيجل يرى أن (الظرف الاستثنائي) إنما يظهر في صورة تعارض بين قضية ونقيضها.
والمجتمعات المعاصرة لا تخرج عن إحدى مجموعتين: مجموعة المجتمعات