هذه الاعتبارات التي فرغنا من عرضها يمكن أن تعود إلى ملاحظتين سبق أن أكدناهما، هما:
١ - أن مجتمعاً معيناً لا يمكن أن يؤدي نشاطه المشترك دون أن توجد فيه شبكة العلاقات التي تؤلف عناصره المختلفة؛ النفسية والزمنية.
٢ - وأن كل علاقة هي في جوهرها قيمة ثقافية يمثلها القانون الخلقي، والدستور الجمالي الخاص بالمجتمع.
فمن الطبيعي إذن أن نعد القيمة الخلقية عنصراً جوهرياً في النشاط المشترك الذي يتم بفضل وجود شبكة العلاقات الاجتماعية.
هنا تواجهنا مشكلة ذات طابع تكويني هي: هل ينتج المجتمع تلقائياً القيمة الخلقية التي تدفع تغييره في اتجاه غايته .. ؟.
ليكن مجال بحثنا للإجابة عن هذا السؤال المجتمع العربي الجاهلي، ولنأخذ منه للتجربة عادة وأد البنات، فتلك (حالة) سوف نجد فيها قيمة خلقية تؤثر كقوة من قوى التغيير في نطاق مجتمع، هو المجتمع الجاهلي، في الوقت الذي كان يتهيأ فيه لدخول التاريخ.
ولدينا إلى جانب هذا شهادة مباشرة على العوامل التي كان لها دور مؤثر في هذه الحالة، ففي القرآن الكريم- بوصفه وثيقة تاريخية- شهادة لا ترد على منشأ عادة وأد البنات، فلقد وجه القرآن إلى عرب الجاهلية خطابه في موضعين: