هذه الاعتبارات التي أشرنا إليها في الفصل السابق تربط فكرة (المجتمع) بوضع متحرك ذي عناصر ثلاثة:
(أ) حركة مستمرة.
(ب) إنتاج دائم لأسبابها.
(جـ) غايتها.
لكن هذا التخطيط يحبسنا داخل الحلقة المفرغة، حلقة البيضة والدجاجة عندما نريد أن نلهو بتحديد أي منهما كان سبباً في وجود الآخر.
فإذا ما ذهبنا إلى أن ((الحركة هي التي تؤدي إلى أسبابها))، وجدنا انفسنا أمام تعارض ظاهر، فإن تخطيطنا الحركي يعطينا صورة عن المجتمع في حركته، ولكنه لا يفسر الشروط الأولية لهذه الحركه.
وأي وسط (إنساني) ينطوي في الحقيقة على نصيب من الخمود، شأنه في ذلك شأن أي وسط من المادة، ونحن ندل على هذا الخمود في جانب الأفراد بصيغ مختلفة: فنتحدث أحياناً عن الكسل وعن نقص الطاقة، وعن نقص الإرادة .. الخ .. كما أننا ندل عليه في الجانب الجماعي حين نتحدث عن الركود أو الكساد والتخلف .. الخ.
ومعنى هذا أن كل وسط إنساني مندمج في حركته، منتج لأسباب هذه الحركة، ينطوي على عامل أساسي يقهر الخمود الفطري- طبقاً لمبدأ الميكانيكا الكلاسيكي- حين يحيل عناصر الخمود في وسط معين إلى قيم حركية.