لمشكلات الإنسان طبيعتها الخاصة، فهي تختلف اختلافاً كلياً عن مشكلات المادة، لا يمكن معه أن تطبق عليها دائماً حلول تستقي براهينها من الخارج.
ولعلم الاجتماع مناهجه الخاصة، فإذا ما صرفنا النظر عن مناهجه وقعنا أحياناً في ذلك النقص، كمن يداوي بالكي رجلاً من خشب. كما يقول المثل الفرنسي.
ويحدث هذا غالباً في البلاد الإسلامية، فالحلول كلها مستعارة من بلاد متحضرة، لا تحدث عندنا التأثير نفسه الذي لها في أوطانها، حتى كأنها تفقد فاعليتها في الطريق، بمجرد انفصالها عن إطارها الاجتماعي.
ومجال المجتمع ليس كمجال الميكانيكا، وهو لا يرتضي كل الاستعارات، لأن أي حل ذي طابع اجتماعي يشتمل تقريباً ودائماً على عناصر لا توزن، ولا يمكن تعريفها، ولا يمكن أن تدخل في صيغة التعريف، على حين تعد ضمناً جزءاً منه لا يستغنى عنه، عندما تطبق في ظروف عادية، أي في ظروف البلاد التي نستوردها منها.
وبعبارة أدق، هذه العناصر جزء من المحيط الاجتماعي،- في الحالة التي يطبق التعريف خارج هذا المحيط- تطبق تلقائياً في صورة فكرة يفرضها الوسط على سلوكنا. فإن لم توجد يصبح التعريف زائفاً تقريباً، إذ تنقصه بعض الأشياء التي ضاعت حين انفصل عن ظروفه الأصلية.
ولقد سبق أن لفتنا اهتمام القارى إلى هذا الجانب في (مشكلة الثقافة)،