هذه القيمة الرمزية والتذكارية لاجتماع الأشخاص موجودة في جميع المجتمعات ذات النموذج العقيدي، وهي متمثلة في المجتمع المسيحي في اجتماعات الأحد، التي تذكر بعهد المغارات الرومانية الأولى. كما أنها موجودة في المجتمع السوفييتي، حيث يتذكر الناس بمشيتهم العسكرية، وأناشيدهم الوطنية، كل عام في الميدان الأحمر، الاجتماعات العمالية الأولى، قبل السابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) ١٩١٧.
بيد أن جميع العلاقات السائدة بين الناس تعد علاقات ثقافية، أعني أنها خاضعة لأصول ثقافة معينة، على ما ذهبنا إليه في دراسة سابقة، حيث قلنا: إن الثقافة هي المحيط الذي يصوغ كيان الفرد، كما أنها مجموع من القواعد الأخلاقية والجمالية .. إلخ.
فإذا تناولنا مثلاً لوناً من الألوان باعتباره يعطي صبغة معينة في محيط ما، فإنه يعد من هذه الناحية علاقة جمالية.
ومن الأمثلة على ذلك أننا نختار لون ملابسنا كيما ((يروق منظرنا في أعين الآخرين))، أو على الأقل، حتى لا ينفروا منا؛ وبهذا يظهر لنا أن الحديث عما يسمى (اللون المحلي) ليس عديم الجدوى: إذ هو اللون الذي يطبع (المحيط) في وسط معين.
ولو أننا التقطنا صورة جمهور من الناس تعداده مئة ألف مثلاً، فستظهر الصورة لوناً غالباً يشيع خاصة في جو المكان الذي أخذت فيه. فلو كانت الصورة لأحد الأماكن- أينما كان على طول المحور من واشنطن إلى موسكو، فتبدو لعين الناظر قاتمة، لأن السواد هو اللون الخاص بذلك المحيط الثقافي. أما إذا كانت لأحد الأماكن على طول المحور من طنجة إلى جاكرتا- فإنها ولا شك ستكون شاحبة- لأن البياض هو اللون الخاص بذلك المحيط الجديد. وكل ما فعلته الصورة في كلتا الحالين هو أنها أظهرت العلاقة الجمالية الخاصة في وسط معين.