المجتمع المنسجم في طبقة واحدة، وكان كل فرد مرتبطاً ارتباطاً واقعياً بكل الآخرين من أعضاء المجتمع بوساطة علاقات شخصية.
أما حين يبلغ المجتمع نهاية تحلله فإن شبكته الاجتماعية تكون على صورة:
ل٢ = ن (ن - ن) = صفر. أي إن الشبكة الاجتماعية قد بليت، فلم تعد قادرة على مواجهة نشاط مشترك، غدا منذئذ مستحيلاً.
والواقع أن هذا الانتقال من الحالة المثالية إلى الحالة النهائية يحدث في هيئة انفصال داخلي، تنشأ عنه ألوان من التمزق في الجسد الاجتماعي، أو صدوع وثغرات في انسجامه وتوافقه.
والعدد (س) الذي يرمز إلى كمية هذه الثغرات والانفصالات يدل إذن وبصورة ما على الفراغ الاجتماعي، وهو ينطبق من الوجهة العددية على درجة الافتقار في الشبكة بأكملها.
ويمكن التعبير عن هذا التطور بطريقة أخرى، من ناحية الكيف، في الرسم البياني الذي يترجم عن الدورة التطورية التي تمر بها كل حضارة (١).
والمراحل الثلاث في هذه الدورة تعبر عن الأدوار الثلاثة التي يمر بها المجتمع: الحالة الكاملة، فيها تكون جميع الخصائص والملكات تحت سيطرة (الروح)، ومتصلة بالاعتبارات ذات الطابع الميتافيزيقي.
والمرحلة التالية هي المرحلة التي تكون فيها جميع الخصائص والملكات تحت سيطرة (العقل) خاصة، ومتجهة نحو المشكلات المادية. أما المرحلة الثالثة فتصور نهاية تحللها تحت سلطان (الغرائز) المتحررة من وصاية الروح والعقل، وفيها يصبح النشاط المشترك مستحيلاً، ضارباً بأطنابه في أغوار الفوضى
(١) يجد القارئ تخطيط هذه الدورة في صفحة ٥٥ من هذا الكتاب.