أما ـ[النوع الثاني]ـ فإنه يحقق النموذج المتحرك، أعني المجتمع الذي يخضع لقانون التغيير، الذي يعدل معالمه هن جذورها.
ومع ذلك فهذا النوع ليس وحيد الصورة، فهو يتنوع من جهة طريقة نشاته، ومن جهة شكل بنائه.
والواقع أن المجتمع التاريخي يمكن أن ينشأ بطريقتين:
فهو إما أن يتركب ابتداء من مواد جديدة، أي من مواد لم تتعرض لأي تغيير تاريخي سابق، فهو يستنفد هذه المواد، في الحالة التي تكون عليها في الطبيعة، وبهذه الطريقة نشأت المجتمعات التاريخية الأولى، إبان الثورة الزراعية في العمر الحجري الجديد.
ولكن هذا النوع قد يتكون أيضاًً من عناصر استخدمت في مجتمع تاريخي سابق، تحولت عناصره المكونة له، بسبب تقادمه أو انبساط رقعته، إلى عناصر مهيأة للاستخدام في مجتمع جديد.
وقد تكون الاستعارة في صورة هجرة تنزع هذه العناصر من المجتمع الأم، كالهجرة التي كونت المجتمع الأمريكي الحالي، وهو المجتمع الذي تكون من عناصر قدمها له مجتمع متحضر في حالة توسعه، هو المجتمع الأوربي في القرن السادس عشر، وكالهجرة التي كونت مجتمع الأسكيمو الذي انتزِعت عناصره المكونة له من المجتمعات المغولية الصينية في الشرق الأقصى.
وقد تكون الاستعارة في صورة أخرى عندما تكون الحالة إعادة تركيب أنقاض مجتمع أو مجتمعات اختفت، ومن أمثلة ذلك أن المجتمع الروماني امتص في جيل بنائه كثيراً من المجتمعات التي اختفت، مثل المجتمع الغالي بعد معركة (أليزيا Alesia) والمجتمع القرطاجني Carthaginoise بعد معركة (زاما)، والمجتمع المصري بعد انتصار القيصر على (يومي) .. الخ.