للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: رجاء الصدق خوفه، وخوفه انتقاله؟ فقال: لأن الصدق رجاؤهم وطلبهم، ويخافون في طلبهم أن لا يكونوا صادقين، فلا يقبل الله منهم، كما قال: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون: ٦٠] أي وجلة في الطاعة خوف الرد عليهم.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٥]]

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٣٥)

قوله: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ [٣٥] قال: الإيمان أفضل من الإسلام، والتقوى في الإيمان أفضل من الإيمان، واليقين في التقوى أفضل من التقوى، والصدق في اليقين أفضل من اليقين، وإنما تمسكتم بالأنا فإياكم أن تنفلت من أيديكم. وقال: الإيمان بالله في القلب ثابت، واليقين بالصدق راسخ، فصدق العين ترك النظر إلى المحظورات، وصدق اللسان في ترك ما لا يعني، وصدق اليد ترك البطش للحرام، وصدق الرجلين ترك المشي إلى الفواحش، وحقيقة الصدق من دوام النظر فيما مضى، وترك النظر فيما بقي، وإن الله تعالى أعطى الصديقين من العلم ما لو نطقوا به لنفذ البحر من نطقهم، وهم مختفون لا يظهرون للناس إلا فيما لا بد لهم منه، حتى يخرج العبد الصالح، فعند ذلك يظهرون، ويعلمون العلماء من علومهم.

قوله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ [٣٥] قال: الذاكر على الحقيقة من يعلم أن الله مشاهده فيراه بقلبه قريباً منه، فيستحي منه، ثم يؤثره على نفسه وعلى كل شيء من جميع أحواله. وسئل سهل مرة أخرى: ما الذكر؟ فقال: الطاعة. قيل: ما الطاعة؟ قال: الإخلاص قيل: ما الإخلاص؟ قال: المشاهدة. قيل: ما المشاهدة؟ قال: العبودية. قيل: ما العبودية؟ قال:

الرضا. قيل: ما الرضا؟ قال: الافتقار. قيل: ما الافتقار؟ قال: التضرع والالتجاء سلم سلم إلى الممات. وقال ابن سالم: الذكر ثلاث: ذكر باللسان فذاك الحسنة بعشر، وذكر بالقلب فذاك الحسنة بسبعمائة، وذكر لا يوزن ثوابه وهو الامتلاء من المحبة.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٨]]

ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨)

قوله: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [٣٨] قال: أي معلوماً قبل وقوعه عندكم، وهل يقدر أحد أن يتقي المقدور؟ وقد قال عمر رضي الله عنه لما طعن: «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [٣٨] ، ولقد أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنهم سيفعلون هذا» . وحكي عن الضحاك أنه ينزل ملكان من السماء ومع أحدهما صحيفة فيها كتاب، ومع الآخر صحيفة ليس فيها كتاب، فيكتب عمل العبد وأثره، فإذا أراد أن يصعد قَال لصاحب الصحيفة المكتوبة: عارضني فيعارضه، فلا يخطىء حرفا.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٧١]]

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١)

قوله: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [٧١] قال: من وفقه الله لصالح الأعمال فذاك دليل على أنه مغفور له، لأن الله تعالى قال: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [٧١] .

والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <   >  >>