قوله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا [١١٠] قال سهل: هاجروا يعني هجروا قرناء السوء بعد أن ظهرت الفتنة منهم في صحبتهم، ثم جاهدوا أنفسهم على ملازمة أهل الخير، ثم صبروا على ذلك، ولم يرجعوا إلى ما كانوا عليه في بدء الأحوال. وقد سأل رجل سهلاً فقال: إن معي مالاً، ولي قوة وأريد الجهاد، فما تأمرني؟
فقال له سهل: المال العلم، والقوة النية، والجهاد مجاهدة النفس، لا يقبل العافية فيما حرم الله تعالى إلا نبي أو صديق، فقيل لأبي عثمان: ما معنى قوله: «إلا نبي أو صديق» ؟ فقال: لا يدخل في شيء لا تقوم له.
قوله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا [١١٩] قال سهل: ما عصى الله تعالى أحد إلا بجهل، ورُبَّ جهلٍ أورث علماً، والعلم مفتاح التوبة، والإصلاح صحة التوبة، فمن لم يصلح توبته فعن قريب تفسد توبته، لأن الله تعالى يقول:
ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا [١١٩] ، وسئل سهل عن الجاهل، فقال: الذي يكون إمام نفسه، ولا يكون له إمام صالح يقتدي به.