للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فقعد يبكي من الفرح إلى الصباح وقال: إلهي مثلي يترك بلا عشاء بلا سراج، بأي يد كانت مني يا مولاي «١» .

[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٢٧ الى ٣٠]

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)

قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [٢٧] قال: هذا خطاب لنفس الروح الذي به حياة نفس الطبع والمطمئنة المصدقة بثواب الله وعقابه.

ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ [٢٨] بطريق الآخرة راضِيَةً [٢٨] عن الله بالله مَرْضِيَّةً [٢٨] عنها لسكونها إلى الله عزَّ وجلَّ.

فَادْخُلِي فِي عِبادِي [٢٩] أي في جملة أوليائي الذين هم عبادي حقاً وَادْخُلِي جَنَّتِي [٣٠] قال سهل: الجنة جنتان: أحدهما الجنة نفسها، والأخرى حياة بحياة وبقاء ببقاء.

كما روي في الخبر: يقول الملائكة للمنفردين يوم القيامة: امضوا إلى منازلكم في الجنة، فيقولون: ما الجنة عندنا، وإنما انفردنا لمعنى منه إلينا، لا نريد سواه حياة طيبة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

[السورة التي يذكر فيها البلد]

[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)

قوله تعالى: لاَ أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ [١] قال: يعني مكة. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ [٢] يعني يوم فتح مكة جعلناها لك حلالاً تقتل فيها من شئت من الكفار كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار» «٢» ، فأقسم الله تعالى بمكة لحلول نبيه فيها إعزازاً له وإذلالاً لأعدائه.

وَوالِدٍ وَما وَلَدَ [٣] قال: الوالد: آدم، وما ولد: محمد صلّى الله عليه وسلّم. لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ [٤] أي في مشقة وشدة. قال: الكبد الانتصاب، أي لقد خلقناه في بطن أنه منتصباً. كما قال مجاهد: إن الولد يكون في بطن أمه منتصباً كانتصاب الأم، وملك موكل به، إذا اضجعت الأم رفع رأسه، ولولا ذلك لغرق في الدم.

[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١٠ الى ١١]

وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)

قوله تعالى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [١٠] قال: بيّنّا له طريق الخير ليتبعه، وطريق الشر ليجتنبه، كما قال: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان: ٣] . وقيل: يعني التدبير.

قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [١١] قال: أي فهلا جاوز الصراط والعقبة دونها، وفي الباطن عقبتان، إحداهما: الذنوب التي اجترحها، يعني بين يديه كالجبل يجاوزها بعتق رقبة، أو إطعام في يوم ذي مجاعة وشدة مسكيناً قد لزق بالتراب من الجهد والفاقة، ويتيماً بينه


(١) شعب الإيمان ٧/ ٢٣٠.
(٢) صحيح البخاري: كتاب الجنائز، رقم ١٢٨٤.

<<  <   >  >>