أعظم آية في كتاب الله تعالى، وفيها اسم الله الأعظم، وهو مكتوب بالنور الأخضر في السماء سطراً واحداً من المشرق إلى المغرب، كنت رأيته كذلك في ليلة القدر مكتوباً، وأنا بعبادان لا إله إلا هو الحي القيوم، فمعنى: الْحَيُّ الْقَيُّومُ القائم على خلقه كل شيء بآجالهم وأعمالهم وأرزاقهم المجازي بالإحسان إحساناً وبالسيئات غفراناً وبالنفاق والكفر والبدعة عذاباً، فمن قال:
لا إله إلاَّ الله، فقد بايع الله، فحرام عليه إذا بايعه أن يعصيه في شيء من أمره ونهيه، في سره وعلانيته، أو يوالي عدوه، أو يعادي وليه. قوله: لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [٢٥٥] فالسنة:
النعاس، وقال: السنة ما خالط القلب من النوم.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٧]]
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥٧)
قال سهل في قول الله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [٢٥٧] أي ولاية الرضا فهو المتولي لهم بما سبق لهم من هدايته ومعرفته إياهم على توحيده وذلك لعلمه بتبرئهم من كل سبب إلا من خالفهم فأخرجوا من الظلمات إلى النور ومن الكفر والضلالة والمعاصي والبدع إلى الإيمان وهو النور الذي أثبته الحق عزَّ وجلَّ في قلوبهم وهو نور بصيرة اليقين الذي به يستبصرون التوحيد والطاعة له فيما أمر ونهى وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: ٤٠] .
قوله عزَّ وجلَّ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ [٢٥٧] أي الشيطان. قال سهل: ورأس الطواغيت كلها النفس الأمارة بالسوء، لأن الشيطان لا يقدر على الإنسان إلاَّ من طريق هوى النفس، فإن أحس منها بما تهم به ألقى إليها الوسوسة.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٠]]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)
وسئل عن قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [٢٦٠] أفكان شاكاً في إيمانه حتى سأل ربه أن يريه آية ومعجزة ليصح معها إيمانه؟ فقال سهل: لم يكن سؤاله ذلك عن شك، وإنما كان طالباً زيادة يقين إلى إيمان كان معه، فسأل كشف غطاء العيان بعيني رأسه ليزداد بنور اليقين يقيناً في قدرة الله، وتمكيناً في خلقه، ألا تراه كيف قال: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى [٢٦٠] فلو كان شاكاً لم يجب ب «بلى» ، ولو علم الله منه الشك وهو أخبر ب «بلى» وستر شكه لكشف الله تعالى ذلك، إذ كان مثله مما لا يخفى عليه، فصح أن طلب طمأنينته كان على معنى طلب الزيادة في يقينه. فقيل: إن أصحاب المائدة طلبوا الطمأنينة بإنزال المائدة، وكان ذلك شكاً، فكيف الوجه فيه؟ فقال: إن إبراهيم عليه السلام أخبر أنه مؤمن، وإنما سأل الطمأنينة بعد الإيمان زيادة، وأصحاب المائدة أخبروا أنهم يؤمنون بعد أن تطمئن قلوبهم، كما قال: وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا [المائدة: ١١٣] فأخبروه أن علمهم بصدقة بعد طمأنينتهم إلى معاينتهم المائدة يكون ابتداء إيمان لهم. وقال أبو بكر: وسمعته مرة أخرى يقول:
وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [٢٦٠] أي لست آمنُ أن يعارضني عدو لك إذا قلت: رَبِّيَ الَّذِي