وَقَرَأَ الْكتب، وَسَمِعَ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى وَسَمِعَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي يَا خَدِيجَةُ لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَقُولِي لَهُ: فَلْيَثْبُتْ، فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهُ وَانْصَرَفَ صَنَعَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا، فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فقال له: يا ابن أَخِي: أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ؟
فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى وَلْتُكَذِّبَنَّهُ وَلْتُؤْذِيَنَّهُ وَلْتُقَاتِلَنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَ يَأْفُوخَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مَنْزِلِهِ.
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بِشْرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ عَنْ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بن إسحق: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ خَدِيجَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيِ ابْنَ عَمِّ أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ إِذَا جَاءَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَتْ: فَإِذَا جَاءَ فَأَخْبِرْنِي بِهِ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ قَدْ جَاءَنِي قالت: قم يا ابن عَمِّ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى، قَالَ: فَقَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عَلَيْهَا، قَالَتْ:
هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى، قَالَ: فَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ عَلَى فَخِذِهَا الْيُمْنَى فَقَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَتْ: فَتَحَوَّلَ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي، فَتَحَوَّلَ فَجَلَسَ فِي حِجْرِهَا ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَتَحَسَّرَتْ فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ، قَالَ: «لا» قالت: يا ابن عَمِّ اثْبُتْ وَأَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَلَكٌ مَا هَذَا بِشَيْطَانٍ.
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: وَرَوَى عَطَاءُ بن السائب وأبو بشر وابن إسحق كُلُّهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِكُلِّ قَبِيلٍ مِنَ الْجِنِّ مَقْعَدٌ مِنَ السَّمَاءِ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ، فَلَمَّا رُمُوا بِالشُّهُبِ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ قَالُوا: مَا هَذَا إلا لشيء حديث فِي الأَرْضِ، وَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا لأَمْرٍ حَدَثَ، فأتوني مِنْ تُرْبَةِ كُلِّ أَرْضٍ، فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَبْتَغُونَ عِلْمَ ذَلِكَ، فَأَتَوْهُ مِنْ تُرْبَةِ كُلِّ أَرْضٍ، فَكَانَ يَشُمُّهَا وَيَرْمِي بِهَا، حَتَّى أَتَاهُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute