للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاذْكُرْ بَلاءَ سُلَيْمٍ فِي مَوَاطِنِهَا ... وَفِي سُلَيْمٍ لأَهْلِ الْفَخْرِ مُفْتَخَرُ

قَوْمٌ هُمُ نَصَرُوا الرَّحْمَن وَاتَّبَعُوا ... دِينَ الرَّسُولِ وَأَمْرُ النَّاسِ مُشْتَجِرٌ

لا يَغْرِسُونَ فَسِيلَ النَّخْلِ وَسْطَهُمُ ... وَلا تَجَاوَزُ فِي مشتاهم البقر

إلا سوامح كالعقيان مَقْرُبَةً ... فِي دَارَةٍ حَوْلَهَا الأَخْطَارُ وَالْعَكَرُ

يُدْعَى خِفَافٌ وَعَوْفٌ فِي جَوَانِبِهَا ... وَحَيُّ ذَكْوَانَ لا يمل وَلا ضَجَرُ

الضَّارِبُونَ جُنُودَ الشِّرْكِ ضَاحِيَةً ... بِبَطْنِ مكة والأرواح تبتدر

حتى رفعنا وَقَتْلاهُمْ كَأَنَّهُمُ ... نَخْلٌ بِظَاهِرَةِ الْبَطْحَاءِ مُنْقَعِرُ

وَنَحْنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ مَشْهَدُنَا ... لِلدِّينِ عِزًّا وَعِنْدَ اللَّهِ مُدَّخَرُ

إِذْ نَرْكَبُ الْمَوْتَ مُخَضَّرًا بَطَائِنُهُ ... وَالْخَيْلُ يَنْجَابُ عَنْهَا سَاطِعٌ كَدَرُ

تَحْتَ اللَّوَامِعِ وَالضّحَّاكُ يَقْدَمُنَا ... كَمَا مَشَى اللَّيْثُ فِي غَابَاتِهِ الْخَدِرُ

فِي مَأْزِقٍ مِنْ مَكْرِ الْحَرْبِ كَلْكَلُهَا ... يَكَادُ يَأْفِلُ مِنْهُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ

وَقَدْ صَبَرْنَا بِأَوْطَاسِ أَسِنَّتَنَا ... لِلَّهِ نَنْصُرُ مَنْ شِئْنَا وَنَنْتَصِرُ

حَتَّى تَأَوَّبَ أَقْوَامٌ مَنَازِلَهُمْ ... لَوْلا الْمَلِيكُ وَلَوْلا نَحْنُ مَا صَدَرُوا

فَمَا تَرَى مَعْشَرًا قَلُّوا إلا كثروا ... إلا وأصبح منافيهم أَثَرُ

قَالَ: وَتَرَكْتُ مِنْ شِعْرِ الْعَبَّاسِ مَا يَبْدُو فَضْلُهُ، وَيُسْتَحْسَنُ مِثْلُهُ، إِيثَارًا لِلاخْتِصَارِ وَاللَّهُ الموفق.

ذكر فوائد تتعلق بغزوة حُنَيْنٍ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا

حُنَيْنُ بْنُ قَانِيَةَ بْنِ مهلايل، هُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ الْمَوْضِعُ. وَهِيَ غَزْوَةُ حُنَيْنٍ وَهَوَازِنَ وَأَوْطَاسَ، سُمِّيَتْ بِأَوْطَاسَ بِاسْمِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الْوَقْعَةُ أَخِيرًا، حَيْثُ اجْتَمَعَ فَلالُهُمْ، وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ أَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ كَمَا سَبَقَ.

وَالْوَطِيسُ: التَّنُّورُ، وَفِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ»

حِينَ اسْتَعَرَتِ الْحَرْبُ، وَهِيَ مِنَ الْكَلِمِ، الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْوَقْعَةِ: «يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي»

وَقَوْلُهُ: فَانقض به،

أي صوت بلسانه في فيه مِنَ النَّقِيضِ، وَهُوَ الصَّوْتُ.

وَقَوْلُهُ: رَاعِي ضَأْنٍ يَجْهَلُهُ بِذَلِكَ.

وَفِرَارُ مَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَدْ أَعْقَبَهُ رُجُوعُهُمْ إِلَيْهِ سُرْعَة وَقِتَالُهُمْ مَعَهُ حَتَّى كَانَ الْفَتْحُ، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>