للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة بدر الأخيرة]

قال ابن إسحق: ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ مِنْ غَزْوَةِ ذَاتِ الرّقَاعِ أَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ جُمَادَى الأُولَى إِلَى آخِرِ رَجَبٍ، ثُمَّ خَرَج فِي شَعْبَانَ إِلَى بَدْرٍ لِمِيعَادِ أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَهُ.

قَالَ ابْن هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الله بن أبي سلول الأنصاري.

قال ابن إسحق: فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَمَانِ لَيَالٍ يَنْتَظِرُ أَبَا سُفَيْانَ، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ مَجَنَّةَ مِنْ نَاحِيَةِ الظّهْرَانِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: قَدْ بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَنَّهُ لا يُصْلِحُكُمْ إِلَّا عَامٌ خَصِيبٌ تَرْعُونَ فِيهِ الشَّجَرَ، وَتَشْرَبُونَ فِيهِ اللَّبَنَ، وَإِنَّ عَامَكُمْ هَذَا عَامٌ جَدْبٌ، وَإِنِّي رَاجِعٌ فَارْجِعُوا، فَرَجَعَ النَّاسُ، وَسَمَّاهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، جَيْشَ السَّوِيقِ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا خَرَجْتُمْ تَشْرَبُونَ السَّوِيقَ [١] .

وَأَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَدْرٍ يَنْتَظِرُ أَبَا سُفْيَانَ لِمِيعَادِهِ، فَأَتَاهُ مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو الضَّمْرِيُّ، وهو الذي كان وادعه علي بن ضَمْرَةَ فِي غَزْوَةِ وَدَّانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أجبت [٢] لِمِيعَادِ قُرَيْشٍ عَلَى هَذَا الْمَاءِ؟ قَالَ: «نَعَمْ يَا أَخَا بَنِي ضَمْرَةَ، وَإِنْ شِئْتَ مَعَ ذَلِكَ رَدَدْنَا إِلَيْكَ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، ثُمَّ جَالَدْنَاكَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ» قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا مُحَمَّد، مَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْكَ حَاجَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَرَوَى


[ (١) ] السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، وسمي بذلك لانسياقه في الحلق، والجمع: أسوقة
[ (٢) ] وعند ابن هشام: أجئت للقاء قريش ...

<<  <  ج: ص:  >  >>