[خبر مخيريق]
قال ابن إسحق: وَكَانَ حَبْرًا عَالِمًا غَنِيًّا كَثِيرَ الأَمْوَالِ مِنَ النَّخْلِ، وَكَانَ يَعْرِفُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِفَتِهِ، وَمَا يَجِدُ فِي عِلْمِهِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ إِلْفُ دِينِهِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمُ السَّبْتِ، قَالَ: وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ: إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقٌّ، قَالُوا: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ، قَالَ: لا سَبْتَ لَكُمْ، ثُمَّ أَخَذَ سِلاحَهُ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ بِأُحُدٍ، وَعَهِدَ إِلَى مَنْ وَرَاءَهُ مِنْ قَوْمِهِ إِنْ قُتِلْتُ هَذَا الْيَوْمَ فَأَمْوَالِي إِلَى مُحَمَّدٍ يَصْنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ اللَّهُ، فَلَمَّا اقْتَتَلَ النَّاسُ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ،
فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي يَقُولُ: «مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ»
وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْوَالَهُ، فَعَامَّةُ صَدَقَاتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ مُخَيْرِيقٌ أَحَدَ بَنِي النَّضِيرِ حَبْرًا عَالِمًا، فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ مَالَهُ لَهُ وَهُوَ سَبْعَةُ حَوَائِطَ. فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةً، وَهِيَ: الْمِيثَبُ، وَالضّيافَةُ، وَالدّلالُ، وَحسنى، وَبَرْقَةُ، وَالأَعْوَافُ، وَمَشْرَبَةُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ. وذكر ابن إسحق عن عبد الله بن أبو بَكْرٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَيٍّ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَحَبَّ وَلَدِ أَبِي إِلَيْهِ وَإِلَى عَمِّي أَبِي يَاسِرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ غَدَوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَا مِنَ الْعَشِيِّ، فَسَمِعْتُ عَمِّي يَقُولُ لأَبِي:
أَهُوَ هُوَ، قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، قَالَ: أَتَعْرِفُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُ؟
قَالَ: عَدَاوَتُهُ وَاللَّهِ مَا بقيت.
وذكر ابن إسحق من المنافقين: روى بن الحرث، والحرث بْنُ سُوَيْدٍ، وَجُلاسُ بْنُ سُوَيْدٍ وَكَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَادِقًا لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحُمُرِ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ وَكَانَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute