للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة]

وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ، فَكَانَ عَدَدُ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى اثْنَيْ عَشَرَ رجلا وأربع نسوة، ثم رجعوا عند ما بَلَغَهُمْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ سُجُودُهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قِرَاءَةِ سُورَةِ وَالنَّجْمِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ، فَلَقُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَشَدَّ مِمَّا عَهِدُوا، فَهَاجَرُوا ثَانِيَةً، وَكَانُوا ثَلاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا، إِنْ كَانَ فِيهِمْ عَمَّارٌ فَفِيهِ خِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ، وَثَمَانِي عَشْرَةَ امْرَأَةً، إحدى عشرة قرشيات، وسبعا غرباء، وبعثت قريشا فِي شَأْنِهِمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَرَّتَيْنِ: الأُولَى عِنْدَ هِجْرَتِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ: عَقِيبَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَسُولا فِي الْمَرَّتَيْنِ، وَمَعَهُ فِي إِحْدَاهُمَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَفِي الأُخْرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّانِ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَظَهَرَ الإِيمَانُ، أَقْبَلَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ عَلَى مَنْ آمَنَ مِنْ قَبَائِلِهِمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيُؤْذُونَهُمْ لِيَرُدُّوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، قَالَ: فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ آمَنَ بِهِ: «تَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى سيجمعهم» قَالُوا: إِلَى أَيْنَ نَذْهَبُ؟ قَالَ: «إِلَى هَاهُنَا» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ،

فَهَاجَرَ إِلَيْهَا نَاسٌ ذَوُو عَدَدٍ، مِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ، حَتَّى قَدِمُوا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَاطِبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شمس بن عبد ود أخو سهيل عن عَمْرٍو، وَقِيلَ: هُوَ سُلَيْطُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ هَارِبًا عَنْ أَبِيهِ بِدِينِهِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مُسْلِمَةٌ مُرَاغِمَةٌ لأَبِيهَا، فَارَّةٌ عَنْهُ بِدِينِهَا، فَوَلَدَتْ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أم

<<  <  ج: ص:  >  >>