للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُتِلَ مِنَ الْيَهُودِ ثَلاثَةٌ وَتِسْعُونَ رَجُلا، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا فِيمَا ذَكَرَ ابْن سَعْدٍ، وَزَادَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُمْ، وَمِنْهُمُ: الأَسْوَدُ الرَّاعِي، وَكَانَ مِنْ خَبَرِهِ أَنَّهُ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحَاصِرٌ لِبَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، وَمَعَهُ غَنَمٌ كان فيها أجير الرجل مِنْ يَهُودَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ، فَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُحَقِّرُ أَحَدًا أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى الإِسْلامِ وَيَعْرِضَهُ عَلَيْهِ،

فَلَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَجِيرًا لِصَاحِبِ هَذَا الْغَنَمِ، وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدِي، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: «اضْرِبْ فِي وَجْهِهَا فَإِنَّهَا سَتَرْجِعُ إِلَى رَبِّهَا» أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَامَ الأَسْوَدُ، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهَا وَقَالَ: ارْجِعِي إِلَى صَاحِبِكِ، فَوَاللَّهِ لا أَصْحَبُكِ، وَخَرَجَتْ مُجْتَمِعَةً كَأَنَّ سَائِقًا يَسُوقُهَا حَتَّى دَخَلَتِ الْحِصْنَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى ذَلِكَ الْحِصْنِ، فَقَاتَلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَقَتَلَهُ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوُضِعَ خَلْفَهُ وَسُجِّيَ بِشَملَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ أَعْرَضْتَ عَنْهُ؟ قَالَ: «إِنَّ مَعَهُ الآنَ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ يَنْفُضَانِ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولانِ: تَرَّبَ اللَّهُ وَجْهَ مَنْ تَرَّبَ وَجْهَكَ وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَكَ» .

وَرُوِّينَا مِنْ طريق البخاري: فثنا المكي بن إبراهيم، فثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ:

رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ: مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ [١] .

[ذكر من استشهد بخيبر]

مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسٍ مِنْ حُلَفَائِهِمْ: رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ، وَثقفُ بن عمرو، ورفاعة بن مسروح ثَلاثَةٌ، وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْن عَبْد الْعُزَّى: عَبْد اللَّهِ بْن الْهُبَيْبِ، وَقِيلَ: أَهْيَبُ بْنُ سُحَيْمِ بْنِ غَبْرَةَ، مِنْ بَنِي سَعْد بْن ليث، حليفهم، وابن أختهم رجل. وَمِنَ الأَنْصَارِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ، وَفُضَيْلُ بْنُ النُّعْمَانِ.

قَالَ مُحَمَّد بْن سَعْدٍ: كَذَا وَجَدْنَاهُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَطَلَبْنَاهُ فِي نَسَبِ بَنِي سَلَمَةَ فَلَمْ نَجِدْهُ، قَالَ: وَلا نَحْسَبْهُ إِلَّا وَهْمًا فِي الْكِتَابِ، وإنما أراد الطفيل بن النعمان بن


[ (١) ] أنظر صحيح البخاري (٥/ ٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>