للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر دخوله عليه السلام الْمَدِينَةَ

وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَوَكَّفُونَ [١] قُدُومَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَلَغَهُمْ تَوَجُّهَهُ إِلَيْهِمْ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ كُلَّ يَوْمٍ لِذَلِكَ أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رَبِيعٍ الأَوَّلِ خَرَجُوا لِذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ، فَرَجَعُوا وَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدِمَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ حِينَ اشْتَدَّ الضَّحَاءِ [٢] ، فَنَزَلَ بِقُبَاءٍ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ هدمٍ، وَكَانَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ فِي بَيْتِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَنَزَلَ عَلَى كُلْثُومٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَالْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو، وَخَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ، وَسُهَيْلٌ وَصَفْوَانُ ابْنَا بَيْضَاءَ، وَعِيَاضُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَوَهْبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ أَبِي سَرْحٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مِنْ بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَوْفٍ (مَوْلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو) وَكُلُّ هَؤُلاءِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ كُلْثُومٌ أَنْ مَاتَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا غَيْرَ مَغْمُوصٍ عَلَيْهِ. انْتَهَى كَلامُ الْوَاقِدِيِّ.

وَقِيلَ: نَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ، وَقِيلَ: عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَأَقَامَ عَلِيٌّ بمكة ثلاث ليال حتى أدعى الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ، عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ، ثُمَّ جَاءَ فَنَزَلَ عَلَى كُلْثُومٍ، فَكَانَ يَقُولُ: كَانَتْ بِقُبَاءٍ امْرَأَةٌ لا زَوْجَ لَهَا مُسْلِمَةٌ، فَرَأَيْتُ إِنْسَانًا يَأْتِيهَا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهَا بَابَهَا فَتَخْرُجُ إِلَيْهِ فَيُعْطِيهَا شَيْئًا مَعَهُ فَتَأْخُذُهُ، قَالَ: فَاسْتَرَبْتُ شَأْنَهُ فَقُلْتُ: يَا أَمَةَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي يَضْرِبُ عَلَيْكِ بَابَكِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَتَخْرُجِينَ إِلَيْهِ فَيُعْطِيكَ شَيْئًا لا أَدْرِي مَا هُوَ، وأنت امرأة مسلمة لا زوج


[ (١) ] يقال: وكف فلان لفلان أي تعرض له حتى يلقاه، والمعنى أنهم ينتظرون قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ (٢) ] الضحى: قرب انتصاف النهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>